الإدماج
قال ابن الْإِصْبَعِ هُوَ أَنْ يُدْمِجَ الْمُتَكَلِّمُ غَرَضًا فِي غَرَضٍ أَوْ بَدِيعًا فِي بَدِيعٍ بِحَيْثُ لَا يَظْهَرُ فِي الْكَلَامِ إِلَّا أَحَدُ الْغَرَضَيْنِ أَوْ أَحَدُ الْبَدِيعَيْنِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿لَهُ الْحَمْدُ فِي الأُولَى وَالآخِرَةِ﴾ أُدْمِجَتِ الْمُبَالَغَةُ فِي الْمُطَابَقَةِ لِأَنَّ انفراده بِالْحَمْدِ فِي الْآخِرَةِ وَهِيَ الْوَقْتُ الَّذِي لَا يُحْمَدُ فِيهِ سِوَاهُ- مبالغة في الوصف بِالِانْفِرَادِ بِالْحَمْدِ وَهُوَ وَإِنْ خَرَجَ مَخْرَجَ الْمُبَالَغَةِ فِي الظَّاهِرِ فَالْأَمْرُ فِيهِ حَقِيقَةٌ فِي الْبَاطِنِ فَإِنَّهُ رَبُّ الْحَمْدِ وَالْمُنْفَرِدُ بِهِ فِي الدَّارَيْنِ انْتَهَى
قُلْتُ: وَالْأَوْلَى أَنَّ يُقَالَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ إِنَّهَا مِنْ إِدْمَاجِ غَرَضٍ فِي غَرَضٍ فَإِنَّ الْغَرَضَ مِنْهَا تَفْرُّدُهُ تَعَالَى بِوَصْفِ الْحَمْدِ وَأَدْمَجَ فِيهِ الْإِشَارَةَ إلى البعث والجزاء.
الافتان
هُوَ الْإِتْيَانُ فِي كَلَامٍ بِفَنَّيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ كَالْجَمْعِ بَيْنَ الْفَخْرِ وَالتَّعْزِيَةِ في قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالأِكْرَامِ﴾ فَإِنَّهُ تَعَالَى عَزَّى جَمِيعَ الْمَخْلُوقَاتِ مِنَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ وَالْمَلَائِكَةِ وَسَائِرِ أَصْنَافِ مَا هُوَ قَابِلٌ لِلْحَيَاةِ وَتَمَدَّحَ بِالْبَقَاءِ بَعْدَ فَنَاءٍ الْمَوْجُودَاتِ فِي عَشْرِ لَفْظَاتٍ مَعَ وَصْفِهِ ذَاتَهُ بَعْدَ- انْفِرَادِهِ بِالْبَقَاءِ- بِالْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى!
وَمِنْهُ ﴿ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا﴾ الْآيَةَ جَمَعَ فِيهَا بَيْنَ هَنَاءٍ وَعَزَاءٍ.