أَهْلَكَتْهُمْ عَنْ آخِرِهِمْ إِذْ لَوْ قِيلَ: "فَلَبِثَ فِيهِمْ تِسْعَمِائَةٍ وَخَمْسِينَ عَامًا"لَمْ يَكُنْ فِيهِ مِنَ التَّهْوِيلِ مَا فِي الْأَوَّلِ لِأَنَّ لَفْظَ"الألف"في الْأَوَّلِ أَوَّلُ مَا يَطْرُقُ السَّمْعُ فيشتغل بِهَا عَنْ سَمَاعِ بَقِيَّةِ الْكَلَامِ وَإِذَا جَاءَ الِاسْتِثْنَاءُ لَمْ يَبْقَ له بعدما تَقَدَّمَهُ وَقْعٌ يُزِيلُ مَا حَصَلَ عِنْدَهُ مِنْ ذِكْرِ الْأَلْفِ
الِاقْتِصَاصُ
ذَكَرَهُ ابْنُ فَارِسٍ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ كل كَلَامٌ فِي سُورَةٍ مُقْتَصًّا مِنْ كَلَامٍ فِي سُورَةٍ أُخْرَى أَوْ فِي تِلْكَ السُّورَةِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ﴾ والآخرة دَارُ ثَوَابٍ لَا عَمَلَ فِيهَا فَهَذَا مُقْتَصٌّ من قوله: ﴿وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِناً قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُولَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَى﴾
وَمِنْهُ: ﴿وَلَوْلا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ﴾ مأخوذ مِنْ قَوْلِهِ: ﴿أُولَئِكَ فِي الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ﴾
وقوله: ﴿وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ﴾ مُقْتَصٌّ مِنْ أَرْبَعِ آيَاتٍ لِأَنَّ الْأَشْهَادَ أَرْبَعَةٌ: الْمَلَائِكَةُ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ﴾
وَالْأَنْبِيَاءُ فِي قَوْلِهِ: ﴿فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيداً﴾ وَأُمَّةُ مُحَمَّدٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ﴾
وَالْأَعْضَاءُ فِي قَوْلِهِ: ﴿يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ﴾ الآية


الصفحة التالية
Icon