يُذَمُّ بِهِ فَلَمَّا أَتَى بَعْدَ الاستثناء ما يُوجِبُ مَدْحَ فَاعِلِهِ كَانَ الْكَلَامُ مُتَضَمِّنًا تَأْكِيدَ الْمَدْحِ بِمَا يُشْبِهُ الذَّمَّ
قُلْتُ: وَنَظِيرُهَا قَوْلُهُ: ﴿وَمَا نَقَمُوا إِلّا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ﴾ وَقَوْلُهُ: ﴿الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاَّ أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ﴾ فَإِنَّ ظَاهِرَ الِاسْتِثْنَاءِ أَنَّ مَا بَعْدَهُ حَقٌّ يَقْتَضِي الْإِخْرَاجَ فَلَمَّا كَانَ صِفَةَ مَدْحٍ يَقْتَضِي الْإِكْرَامَ لَا الْإِخْرَاجَ كَانَ تَأْكِيدًا لِلْمَدْحِ بِمَا يُشْبِهُ الذَّمَّ
وَجَعَلَ مِنْهُ التَّنُوخِيُّ فِي الْأَقْصَى الْقَرِيبِ: ﴿لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً وَلا تَأْثِيماً إِلاَّ قِيلاً سَلاماً سَلاماً﴾ اسْتَثْنَى"سَلَامًا سَلَامًا"الَّذِي هُوَ ضِدُّ اللَّغْوِ وَالتَّأْثِيمِ فَكَانَ ذَلِكَ مُؤَكِّدًا لِانْتِفَاءِ اللَّغْوِ وَالتَّأْثِيمِ انْتَهَى
التَّفْوِيتُ
هُوَ إِتْيَانُ الْمُتَكَلِّمِ بِمَعَانٍ شَتَّى مِنَ الْمَدْحِ وَالْوَصْفِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْفُنُونِ كُلُّ فَنٍّ فِي جُمْلَةٍ مُنْفَصِلَةٍ عَنْ أُخْتِهَا مَعَ تَسَاوِي الْجُمَلِ فِي الزِّنَةِ وَتَكُونُ فِي الْجُمَلِ الطَّوِيلَةِ وَالْمُتَوَسِّطَةِ وَالْقَصِيرَةِ
فَمِنَ الطَّوِيلَةِ ﴿الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ﴾
وَمِنَ الْمُتَوَسِّطَةِ ﴿تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ﴾