قُلْتُ: وَقَدْ يَكُونُ الْإِجْمَالُ فِي النَّشْرِ لَا فِي اللَّفِّ بِأَنْ يُؤْتَى بِمُتَعَدِّدٍ ثُمَّ بِلَفْظٍ يَشْتَمِلُ عَلَى مُتَعَدِّدٍ يَصْلُحُ لَهُمَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ﴾ عَلَى قَوْلِ أَبِي عُبَيْدَةَ أَنَّ الْخَيْطَ الْأَسْوَدَ أُرِيدَ بِهِ الْفَجْرُ الْكَاذِبُ لَا اللَّيْلُ وَقَدْ بَيَّنْتُهُ فِي أَسْرَارِ التَّنْزِيلِ
وَالتَّفْصِيلِيُّ قِسْمِانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ عَلَى تَرْتِيبِ اللَّفِّ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ﴾ فَالسُّكُونُ رَاجِعٌ إِلَى اللَّيْلِ وَالِابْتِغَاءُ رَاجِعٌ إِلَى النَّهَارِ
وَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً﴾ فاللوم راجع إلى البخل ومحسورا رَاجِعٌ إِلَى الْإِسْرَافِ لِأَنَّ مَعْنَاهُ: مُنْقَطِعًا لَا شَيْءَ عِنْدَكَ
وَقَوْلِهِ: ﴿أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً﴾ الْآيَاتِ فَإِنَّ قَوْلَهُ: ﴿فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ﴾ رَاجِعٌ إِلَى قَوْلِهِ: ﴿أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوَى﴾ ﴿وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ﴾ رَاجِعٌ إِلَى قَوْلِهِ: ﴿وَوَجَدَكَ ضَالاً﴾ فَإِنَّ الْمُرَادَ السَّائِلُ عَنِ الْعِلْمِ كَمَا فَسَّرَهُ مُجَاهِدٌ وَغَيْرُهُ ﴿وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ﴾ رَاجِعٌ إِلَى قَوْلِهِ: ﴿وَوَجَدَكَ عَائِلاً فَأَغْنَى﴾ رَأَيْتُ هَذَا الْمِثَالَ فِي شَرْحِ الْوَسِيطِ لِلنَّوَوِيِّ المسمى بالتنقيح.
وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ عَلَى عَكْسِ تَرْتِيبِهِ كَقَوْلِهِ: ﴿يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ﴾
وجَعَلَ مِنْهُ جَمَاعَةٌ قَوْلَهُ تَعَالَى: {حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى