وَمِنْهُ نَوْعٌ يُسَمَّى الْمُقَابَلَةُ وَهِيَ أَنْ يُذْكَرَ لَفْظَانِ فَأَكْثَرُ ثُمَّ أضدادها عَلَى التَّرْتِيبِ.
قَالَ ابْنُ أَبِي الْإِصْبَعِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الطِّبَاقِ وَالْمُقَابَلَةِ مِنْ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ الطِّبَاقَ لَا يَكُونُ إِلَّا مِنْ ضِدَّيْنِ فَقَطْ وَالْمُقَابَلَةَ لَا تَكُونُ إِلَّا بِمَا زَادَ مِنَ الْأَرْبَعَةِ إِلَى الْعَشَرَةِ.
وَالثَّانِي: أَنَّ الطِّبَاقَ لَا يكون إلا بالأضداد والمقابلة بالأضداد وبغيرها قَالَ السَّكَّاكِيُّ: وَمِنْ خَوَاصِّ الْمُقَابَلَةِ أَنَّهُ إِذَا شُرِطَ فِي الْأَوَّلِ أَمْرٌ شُرِطَ فِي الثَّانِي ضِدُّهُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى﴾ الآيتين قَابَلَ بَيْنَ الْإِعْطَاءِ وَالْبُخْلِ وَالِاتِّقَاءِ وَالِاسْتِغْنَاءِ وَالتَّصْدِيقِ وَالتَّكْذِيبِ وَالْيُسْرَى وَالْعُسْرَى وَلَمَّا جُعِلَ التَّيْسِيرُ فِي الْأَوَّلِ مُشْتَرِكًا بَيْنَ الْإِعْطَاءِ وَالِاتِّقَاءِ وَالتَّصْدِيقِ جُعِلَ ضِدُّهُ وَهُوَ التَّعْسِيرُ مُشْتَرِكًا بَيْنَ أَضْدَادِهَا
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الْمُقَابَلَةُ إِمَّا لِوَاحِدٍ بِوَاحِدٍ وَذَلِكَ قَلِيلٌ جدا كقوله: ﴿تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ﴾
أَوِ اثْنَيْنِ بِاثْنَيْنِ كَقَوْلِهِ: ﴿فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلاً وَلْيَبْكُوا كَثِيراً﴾ أَوَ ثَلَاثَةٍ بِثَلَاثَةٍ كَقَوْلِهِ: ﴿يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ﴾ ﴿وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ﴾ وأربعة بأربعة كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى﴾ الآيتين
وَخَمْسَةٍ بِخَمْسَةٍ كَقَوْلِهِ: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً مَا﴾ الْآيَاتِ قَابَلَ بَيْنَ "بَعُوضَةً فَمَا فوقه" وبين "فأما الذين آمنو"،


الصفحة التالية
Icon