ابْنُ الْحَاجِبِ فِي أَمَالِيهِ إِنَّمَا قَدَّمَ الْأَزْوَاجَ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْإِخْبَارُ أَنَّ فِيهِمْ أَعْدَاءً وَوُقُوعُ ذَلِكَ فِي الْأَزْوَاجِ أَكْثَرُ مِنْهُ فِي الْأَوْلَادِ وَكَانَ أَقْعَدَ فِي الْمَعْنَى الْمُرَادِ فَقُدِّمَ وَلِذَلِكَ قُدِّمَتِ الْأَمْوَالُ فِي قَوْلِهِ: ﴿إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ﴾ لِأَنَّ الْأَمْوَالَ لَا تَكَادُ تُفَارِقُهَا الْفِتْنَةُ: ﴿إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى﴾ وَلَيْسَتِ الْأَوْلَادُ فِي اسْتِلْزَامِ الْفِتْنَةِ مِثْلَهَا فَكَانَ تَقْدِيمُهَا أَوْلَى
التَّاسِعُ: التَّرَقِّي مِنَ الْأَدْنَى إِلَى الْأَعْلَى كَقَوْلِهِ: ﴿أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَا﴾ الْآيَةَ بَدَأَ بِالْأَدْنَى لِغَرَضِ التَّرَقِّي لِأَنَّ الْيَدَ أَشْرَفُ مِنَ الرِّجْلِ وَالْعَيْنَ أَشْرَفُ مِنَ الْيَدِ وَالسَّمْعَ أَشْرَفُ مِنَ الْبَصَرِ وَمِنْ هَذَا النَّوْعِ تَأْخِيرُ الْأَبْلَغِ وَقَدْ خُرِّجَ عَلَيْهِ تَقْدِيمُ الرَّحْمَنِ عَلَى الرَّحِيمِ وَالرَّءُوفِ عَلَى الرَّحِيمِ وَالرَّسُولِ عَلَى النَّبِيِّ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَكَانَ رَسُولاً نَبِيّاً﴾ وَذُكِرَ لِذَلِكَ نُكَتٌ أَشْهَرُهَا مُرَاعَاةُ الْفَاصِلَةِ
الْعَاشِرُ: التَّدَلِّي مِنَ الْأَعْلَى إِلَى الْأَدْنَى وَخُرِّجَ عَلَيْهِ: ﴿لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ﴾ ﴿لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً﴾ ﴿لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْداً لِلَّهِ وَلا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ﴾
هَذَا مَا ذَكَرَهُ ابْنُ الصَّائِغِ وَذَكَرَ غَيْرُهُ أَسْبَابًا أُخَرَ مِنْهَا كَوْنُهُ أَدَلَّ عَلَى الْقُدْرَةِ وَأَعْجَبَ كَقَوْلِهِ: ﴿فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ﴾


الصفحة التالية
Icon