وَجَمِيعُ الْحَنَابِلَةِ وَنَقَلَهُ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ عَنْ جَمِيعِ الْفُقَهَاءِ وَقَالَ: الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ: إِنَّهُ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِهِ وَصَحَّحَهُ السُّبْكِيُّ لِأَنَّ تَنَاوُلَ اللَّفْظِ لِلْبَعْضِ الْبَاقِي بَعْدَ التَّخْصِيصِ كَتَنَاوُلِهِ لَهُ بِلَا تَخْصِيصٍ وَذَلِكَ التَّنَاوُلُ حَقِيقِيٌّ اتِّفَاقًا فَلْيَكُنْ هَذَا التَّنَاوُلُ حَقِيقِيًّا أَيْضًا
وَمِنْهَا أَنَّ قَرِينَةَ الْأَوَّلِ عَقْلِيَّةٌ وَالثَّانِي لَفْظِيَّةٌ
وَمِنْهَا أَنَّ قَرِينَةَ الْأَوَّلِ لَا تَنْفَكُّ عَنْهُ وَقَرِينَةَ الثَّانِي قَدْ تَنْفَكُّ عَنْهُ
وَمِنْهَا أَنَّ الْأَوَّلَ يَصِحُّ أَنْ يُرَادَ به واحدا اتِّفَاقًا وَفِي الثَّانِي خِلَافٌ
وَمِنْ أَمْثِلَةِ الْمُرَادِ بِهِ الْخُصُوصُ قَوْلُهُ تَعَالَى:: ﴿الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ﴾ وَالْقَائِلُ وَاحِدٌ نُعَيْمُ بْنُ مَسْعُودٍ الْأَشْجَعِيُّ أَوْ أَعْرَابِيٌّ مِنْ خُزَاعَةَ كَمَا أَخْرَجَهُ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي رَافِعٍ لِقِيَامِهِ مَقَامَ كَثِيرٍ فِي تَثْبِيطِ الْمُؤْمِنِينَ عَنْ مُلَاقَاةِ أَبِي سُفْيَانَ
قَالَ الْفَارِسِيُّ: وَمِمَّا يُقَوِّي أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ وَاحِدٌ قَوْلُهُ: ﴿إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ﴾ فوقعت الإشارة بقوله"ذلكم"إِلَى وَاحِدٍ بِعَيْنِهِ وَلَوْ كَانَ الْمَعْنَى جَمْعًا لَقَالَ: "إِنَّمَا أُولَئِكُمُ الشَّيْطَانُ" فَهَذِهِ دَلَالَةٌ ظَاهِرَةٌ فِي اللَّفْظِ
وَمِنْهَا قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ﴾ أَيْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِجَمْعِهِ مَا فِي النَّاسِ مِنَ الْخِصَالِ الْحَمِيدَةِ
وَمِنْهَا قَوْلُهُ: ﴿ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ﴾ أَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ مِنْ طَرِيقِ الضَّحَّاكِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ﴾ قال إبراهيم:
وَمِنَ الْغَرِيبِ قِرَاءَةُ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: " مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسِي " قَالَ فِي


الصفحة التالية
Icon