هُوَ مَعْطُوفٌ وَ: ﴿يَقُولُونَ﴾ حَالٌ أَوْ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ: ﴿يَقُولُونَ﴾ وَالْوَاوُ لِلِاسْتِئْنَافِ وَعَلَى الْأَوَّلِ طَائِفَةٌ يَسِيرَةٌ مِنْهُمْ مُجَاهِدٌ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ مِنْ طَرِيقِ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ﴾ قَالَ: أَنَا مِمَّنْ يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ﴾ قَالَ: يَعْلَمُونَ تَأْوِيلَهُ: ﴿يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ﴾
وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ الضَّحَّاكِ قَالَ: الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَعْلَمُونَ تَأْوِيلَهُ وَلَوْ لَمْ يَعْلَمُوا تَأْوِيلَهُ لَمْ يَعْلَمُوا نَاسِخَهُ مِنْ مَنْسُوخِهِ وَلَا حَلَالَهُ مِنْ حَرَامِهِ وَلَا مُحْكَمَهُ مِنْ مُتَشَابِهِهِ.
وَاخْتَارَ هَذَا الْقَوْلَ النَّوَوِيُّ فَقَالَ: فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ إِنَّهُ الْأَصَحُّ لِأَنَّهُ يَبْعُدُ أَنْ يُخَاطِبَ اللَّهُ عِبَادَهُ بِمَا لَا سَبِيلَ لِأَحَدٍ مِنَ الْخَلْقِ إِلَى مَعْرِفَتِهِ.
وَقَالَ: ابْنُ الْحَاجِبِ: إِنَّهُ الظَّاهِرُ وَأَمَّا الْأَكْثَرُونَ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَأَتْبَاعِهِمْ وَمَنْ بَعْدَهُمْ خُصُوصًا أَهْلَ السُّنَّةِ فَذَهَبُوا إِلَى الثَّانِي وَهُوَ أَصَحُّ الرِّوَايَاتِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ
قَالَ: ابْنُ السَّمْعَانِيِّ: لَمْ يَذْهَبْ إِلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ إِلَّا شِرْذِمَةٌ قَلِيلَةٌ وَاخْتَارَهُ الْعُتْبِيُّ قَالَ: وَقَدْ كَانَ يَعْتَقِدُ مَذْهَبَ أَهْلِ السُّنَّةِ لَكِنَّهُ سَهَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَالَ: وَلَا غَرْوَ فَإِنَّ لِكُلِّ جَوَادٍ كَبْوَةً وَلِكُلِّ عَالَمٍ هَفْوَةً.
قُلْتُ وَيَدُلُّ لِصِحَّةِ مَذْهَبِ الْأَكْثَرِينَ مَا أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي تَفْسِيرِهِ وَالْحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: ﴿وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ﴾ فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْوَاوَ لِلِاسْتِئْنَافِ،