فصل: في الكنى والألقاب في القرآن


أَمَّا الْكُنَى فَلَيْسَ فِي الْقُرْآنِ مِنْهَا غَيْرُ أَبِي لَهَبٍ وَاسْمُهُ عَبْدُ الْعُزَّى وَلِذَلِكَ لَمْ يُذْكَرْ بِاسْمِهِ لِأَنَّهُ حَرَامٌ شَرْعًا وَقِيلَ لِلْإِشَارَةِ إِلَى أَنَّهُ جَهَنَّمِيٌّ
وَأَمَّا الْأَلْقَابُ فَمِنْهَا إِسْرَائِيلُ لَقَبُ يَعْقُوبَ وَمَعْنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ وَقِيلَ صَفْوَةُ اللَّهِ وَقِيلَ سَرِيُّ اللَّهِ لِأَنَّهُ أَسْرَى لَمَّا هاجر أَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ مِنْ طَرِيقِ عُمَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ إِسْرَائِيلَ كَقَوْلِكَ عَبْدِ اللَّهِ
وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حُمَيْدٍ فِي تَفْسِيرِهِ عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ قَالَ: كَانَ يَعْقُوبُ رَجُلًا بَطِيشًا فَلَقِيَ مَلِكًا فَعَالَجَهُ فَصَرَعَهُ الْمَلِكُ فَضَرَبَ عَلَى فَخِذَيْهِ فَلَمَّا رَأَى يَعْقُوبُ مَا صَنَعَ بِهِ بَطَشَ بِهِ فَقَالَ مَا أَنَا بِتَارِكِكَ حَتَّى تُسَمِّيَنِي اسْمًا فَسَمَّاهُ إِسْرَائِيلَ قَالَ أَبُو مِجْلَزٍ: أَلَا تَرَى أَنَّهُ مِنْ أَسْمَاءِ الْمَلَائِكَةِ!
وَفِيهِ لُغَاتٌ أَشْهَرُهَا بِيَاءٍ بَعْدَ الْهَمْزَةِ وَلَامٌ وَقُرِئَ إسراييل بِلَا هَمْزٍ
قَالَ بَعْضُهُمْ: وَلَمْ يُخَاطَبِ الْيَهُودُ فِي الْقُرْآنِ إِلَّا بِ "يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ" دُونَ "يا بني يعقوب" لنكتة وهو أَنَّهُمْ خُوطِبُوا بِعِبَادَةِ اللَّهِ وَذُكِّرُوا بِدِينِ أَسْلَافِهِمْ مَوْعِظَةً لَهُمْ وَتَنْبِيهًا مِنْ غَفْلَتِهِمْ فَسُمُّوا بِالِاسْمِ الَّذِي فِيهِ تَذْكِرَةٌ بِاللَّهِ تَعَالَى فَإِنَّ إِسْرَائِيلَ اسْمٌ مُضَافٌ إِلَى اللَّهِ فِي التَّأْوِيلِ وَلَمَّا ذَكَرَ مَوْهِبَتَهُ لِإِبْرَاهِيمَ وَتَبْشِيرَهُ بِهِ قَالَ يَعْقُوبَ وَكَانَ أَوْلَى مِنْ إِسْرَائِيلَ لِأَنَّهَا مَوْهِبَةٌ بِمُعَقِّبٍ آخَرَ فَنَاسَبَ ذِكْرَ اسْمٍ يُشْعِرُ بِالتَّعْقِيبِ.
وَمِنْهَا الْمَسِيحُ لقب لعيسى ومعناه قيل الصديق وقيلك الَّذِي لَيْسَ لِرِجْلِهِ أَخْمُصُ وَقِيلَ: الَّذِي لَا يَمْسَحُ ذَا عَاهَةٍ إِلَّا بَرِئَ وَقِيلَ: الْجَمِيلُ وَقِيلَ: الَّذِي يَمْسَحُ الْأَرْضَ أَيْ يَقْطَعُهَا وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ.


الصفحة التالية
Icon