تَنْبِيهٌ
قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي الْبُرْهَانِ لَا يُبْحَثُ عَنْ مُبْهَمٍ أَخْبَرَ اللَّهُ بِاسْتِئْثَارِهِ بِعِلْمِهِ كَقَوْلِهِ: ﴿وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ﴾ قَالَ: وَالْعَجَبُ مِمَّنْ تَجَرَّأَ وَقَالَ: إِنَّهُمْ قُرَيْظَةُ أَوْ مِنَ الْجِنِّ
قُلْتُ: لَيْسَ فِي الْآيَةِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ جِنْسَهُمْ لَا يُعْلَمُ وإنما الْمَنْفَى عِلْمُ أَعْيَانِهِمْ وَلَا يُنَافِيهِ الْعِلْمُ بِكَوْنِهِمْ مِنْ قُرَيْظَةَ أَوْ مِنَ الْجِنِّ وَهُوَ نَظِيرُ قَوْلِهِ فِي الْمُنَافِقِينَ: ﴿وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ﴾ فَإِنَّ الْمَنْفِيَّ عِلْمُ أَعْيَانِهِمْ ثُمَّ الْقَوْلُ فِي أولئك بأنهم بنو قُرَيْظَةُ أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ مُجَاهِدٍ وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُمْ مِنَ الْجِنِّ أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ غَرِيبٍ عَنْ أَبِيهِ مَرْفُوعًا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم فلا جرأة.

فصل: في ذكر آيات المبهمات


اعْلَمْ أَنَّ عِلْمَ الْمُبْهَمَاتِ مَرْجِعُهُ النَّقْلُ الْمَحْضُ لَا مَجَالَ لِلرَّأْيِ فِيهِ وَلَمَّا كَانَتِ الْكُتُبُ الْمُؤَلَّفَةُ فِيهِ وَسَائِرُ التَّفَاسِيرِ يُذْكَرُ فِيهَا أَسْمَاءُ الْمُبْهَمَاتِ وَالْخِلَافُ فِيهَا دُونَ بَيَانِ مُسْتَنَدٍ يَرْجِعُ إِلَيْهِ أَوْ عزو يَعْتَمِدُ عَلَيْهِ أَلَّفْتُ الْكِتَابَ الَّذِي أَلَّفْتُهُ مَذْكُورًا فِيهِ عَزْوُ كُلِّ قَوْلٍ إِلَى قَائِلِهِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَغَيْرِهِمْ مَعْزُوًّا إِلَى أَصْحَابِ الْكُتُبِ الَّذِينَ خَرَّجُوا ذَلِكَ بِأَسَانِيدِهِمْ مُبَيِّنًا فِيهِ مَا صَحَّ سَنَدُهُ وَمَا ضَعُفَ فَجَاءَ لِذَلِكَ كِتَابًا حَافِلًا لَا نَظِيرَ لَهُ فِي نَوْعِهِ وَقَدْ رَتَّبْتُهُ عَلَى تَرْتِيبِ


الصفحة التالية
Icon