والقول الثالث: أن أول ما نزل سورة "الفاتحة".
وإذا وَازَنَّا بين هذه الأقوال الثلاثة لم نجد فيها حديثًا صحيحًا سالمًا من المعارضة، مقطوعًا برفعه إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- وبعد عدم وجود النقل المطمئن -فيما نعلم- يكون الترجيح بالاستنباط، فالسنن الإلهية في آيات الكتاب كالسنن الكونية في الأرض والسماء، والثمرة تنبت من نواة بها خصائص الثمرة.
وسورة الفاتحة مشتملة على ما اشتمل عليه القرآن، فلا بُعْدَ أن تكون هي الأولى في النزول بمكة.. وآخر ما نزل بها "المؤمنون" أو "العنكبوت".
وأول ما نزل بالمدينة "ويل للمطففين".. وآخر ما نزل بها من السور الكاملة سورة التوبة.
وأول ما أعلن به سورة "النجم".
وأعلم أنه ما من قول قيل في أول النزول وآخره إلا عورض بقول آخر، مما يؤكد أن هذه الأقوال بُنيت على الاجتهاد وليس فيها توقيف صحيح.
وأقرب الأقوال في آخر القرآن نزولًا ﴿وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ﴾.