ومن القصر قصر الإفراد الذي يخاطب به مَن يعتقد الشركة؛ نحو قوله: ﴿إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ﴾.
ومنه: قصر القلب الذي يخاطب به مَن يعتقد إثبات الحكم لغير ما أثبته المتكلم له؛ نحو قول إبراهيم للنمروذ: ﴿رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ﴾ ورد الله على المنافقين في قولهم: ﴿أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ﴾ بقوله: ﴿أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ﴾.
وطرق القصر عديدة، وأكثرها معروف، وأنبه إلى أن منها: ضمير الفصل، ويوجد فيما يُدعى فيه النسبة لغير الله؛ كقوله: ﴿وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى، وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا﴾ ولم يقله في قوله: ﴿وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الْأُخْرَى﴾..
وأما الاختصاص فمعناه في الراجح: تقديم ما يمكن تأخيره وقصده من جهة خصوصه.. وهذا القيد لإخراج نحو: ﴿أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ﴾ ؛ إذ لو جعل تقديم المفعول للاختصاص لكان الإنكار في الهمزة منصبًّا على مجرد قصرهم ذلك.. والإنكار منصب في الحقيقة على ابتغاء غير دين الله تقدم أو تأخر.. ونحو قوله: ﴿وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُون﴾.. فإن تقديم الجار والمجرور مقصود به الاختصاص، فقد أراد بالتقديم التعريض بأهل الكتاب..
قال الزمخشري: هذا تعريض بأهل الكتاب من إثبات أمر الآخرة على خلاف حقيقته، وأن قولهم ليس بصادر عن إيقان، وأن اليقين هو الذي عليه المسلمون. اهـ.
واختلفوا في القصر بـ"ما" و"إلا"، أيكون الحكم ثابتًا لما بعد "إلا" بالمفهوم أو بالمنطوق؟


الصفحة التالية
Icon