والنفي لا يرد إلا على المجاز، ولا يرد على الحقيقة؛ لأن نفيها كذب.. وما اعترض به من قوله: ﴿وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ﴾ فإن النفي وارد على المجاز.. إذ المعنى: وما رميت خلقًا إذ رميت كسبًا.. أو: وما رميت انتهاء إذ رميت ابتداء.
وقد تُنفى الاستطاعة ويراد بها نفي القدرة والإمكان؛ نحو: ﴿فَلا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً﴾.
وقد تُنفى ويراد بها الامتناع؛ نحو: ﴿هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ﴾ أرادوا بالاستفهام النفي.. والمنفي هو امتناع الإنزال عادة لا عجزًا؛ لأنهم لم يشكوا في مقدرة الله..
وقد تنفى ويراد بها الوقوع بمشقة؛ نحو: ﴿إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا﴾..
وما جاء في القرآن بلفظ الاستفهام من الله، فمراد به أن المخاطب عنده علم بإثبات ما يستفهم عنه أو نفيه..
وقد يرد الاستفهام للإنكار، فتكون الأداة للنفي وما بعدها منفي..
فإن كان الفعل ماضيًا فمعناه: لم يكن.. وإن كان مضارعًا فمعناه: لا يكون..
وقد يرد الاستفهام للتوبيخ والتقريع.. وضابطه: أن ما بعد الأداة واقع كان يجب ألا يقع؛ نحو: ﴿أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي﴾ فالإثبات هو المقصود، والنفي جاء بعد ذلك عكس الاستفهام الإنكاري..
وكما أن التوبيخ يكون على ما وقع، وهو جدير ألا يقع، يكون على ترك فعل كل ينبغي أن يقع فلم يقع؛ نحو: ﴿أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا﴾.. وقد يكون الاستفهام للتقرير؛ وهو حمل المخاطب على الإقرار، والاعتراف بأمر قد استقر عنده..


الصفحة التالية
Icon