وكذا قوله: ﴿لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ﴾.
والتقدير: يوم الحساب بما نسوا.
والسر: الاعتناء بوقت العذاب.
وقوله: ﴿فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً﴾.
التقدير: فقالوا جهرة: أرنا الله.
السر: التشنيع عليهم بأنهم طلبوا ذلك من غير استحياء ولا تستر.
ومن هذا الباب: ﴿أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ﴾ المذموم من اتخذ هواه إلهه. أما من جعل مطلبه وميله في طاعة ربه، فليس بمذموم تقول: اتخذت المدرسة ملهى فتذم، واتخذت الملهى مدرسة فتمدح، والملهى في المثال يساوي الهوى في النص.. فتنبه لهذه الدقيقة.
ومن هذا الباب: ﴿فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا﴾.. فالبشارة سبب الضحك، ومن هذا الباب قوله: ﴿إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ﴾.. والأصل أن يقدم العلم؛ لكن لما كان المقام تشريع أحكام أو تبيين عقائد -يطلب الحكمة من ورائها- قدم الحكيم.
وقد يقدم اللفظ في موضع ويؤخره في موضع؛ نحو: ﴿وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ﴾.. وفي موضع آخر يقول: ﴿وَقُولُوا حِطَّةٌ وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا﴾.. ونحو: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ﴾.. وفي سورة الأنعام: ﴿مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى﴾.
ومن الأمور المسلمة تقديم ما يُعتنَى به.. ولكل مقام مقال.
وبهذا ينتهي الموضوع السادس عشر.