بنورهم، ولم يقل: بنارهم؛ فإن النار فيها الإضاءة والإحراق، فذهب الله بما فيها من الإضاءة، وأبقى عليهم ما فيها من الإحراق، وتركهم في ظلمات لا يبصرون، فهذا حال مَن أبصر ثم عَمِيَ، وعرف ثم أنكر..
ومن الأمثال قوله تعالى: ﴿مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ﴾ فذكر سبحانه أنهم ضعفاء، وأن الذين اتخذوهم أولياءهم أضعف منهم، فهم في ضعف وما قصدوه من اتخاذ الأولياء كالعنكبوت اتخذت بيتًا، وهو أوهن البيوت وأضعفها، وتحت هذا المثل أن هؤلاء المشركين أضعف ما كانوا حين اتخذوا من دون الله أولياء، فلم يستفيدوا بمن اتخذوهم أولياء إلا ضعفًا؛ كما قال تعالى: ﴿وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آَلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا، كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا﴾.
وهذا من أحسن الأمثال وأدلها على بطلان الشرك وخسارة صاحبه وحصوله على ضد مقصوده..
ولم ينفِ سبحانه عنهم العلم بوهن بيت العنكبوت؛ وإنما نفى عنهم علمهم بأن اتخاذهم أولياء من دونه كالعنكبوت اتخذت بيتًا، فلوا علموا ذلك لما فعلوه؛ ولكن ظنوا أن اتخاذهم الأولياء من دونه يفيدهم عزًّا وقدرة، فكان الأمر بخلاف ما ظنوه..
فأنت ترى أن الفائدة بيان ضعف المشركين، وأنهم كالمستجير من الرمضاء بالنار..