فالقرآن يعبر عنه بكلمات متعددة.. تشترك في المعنى أحيانًا، وينفرد بمعناه على حسب السياق في أحيان أخرى.. فهو الفكر والنظر والبصر والتدبر والاعتبار والذكر والعلم..
وتبين من الآيات أن العقل الذي يخاطبه الإسلام، هو العقل الذي يعصم الضمير، ويدرك الحقائق، ويميز بين الأمور، ويوازن بين الأضداد.. وأنه هو العقل الذي يقابله الجمود والعنت والضلال.. وليس بالعقل الذي قصاراه من الإدراك أنه يقابل الجنون؛ فإن الجنون يسقط التكليف، وليس كذلك الجمود والعنت والضلال..
ويندب الإسلام مَن يدين به إلى مرتبة أعلى من مرتبة تدفع عنه الملامة أو تمنع عنه المؤاخذة؛ كي يبلغ إلى مرتبة الرشد والحكمة. ولا يبطل في الإسلام عمل العقل، إن الله بكل شيء محيط، فإن خلق الإنسان للعقل لا يسلبه القدرة على التفكير، ولا يسلبه تبعة الضلال والتقصير..
موانع العقل:
وليس شيء أخطر على العقل في شل تفكيره، أو التقليل منه، وطمس معالم الحق من أمور ثلاثة: عبادة السلف المتقدمين، والانخداع بالعرف.
ذلك أن بعض الناس يقدِّسون أسلافهم من غير نظر فيما كانوا يأتون أو يذرون، ويستسلمون للعرف، وما هذا سبيل العقلاء، قال تعالى: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آَبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آَبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ﴾..
إن حب الأسلاف واحترام العرف أمر مقرر في الإسلام، بشرط ألا يكون في ذلك تأثير على العقل..


الصفحة التالية
Icon