فأنت ترى أنه خص الذين أوتوا الكتاب وقبل الجزية منهم، وأبقى الأمر بالقتال بالنسبة لغيرهم؛ حتى يعلنوا كلمة التوحيد، ثم إنه خصص مَن يقاتلون بالمعتدين في آية أخرى؛ وهي قوله: ﴿وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا﴾.
ومن هذا يُعلم أن قول النبي صلى الله عليه وسلم: "أمرت أن أقتال الناس " من العام المخصوص.. فالمراد بالناس: مَن بدءونا بالاعتداء علينا.
جـ- العام المراد به الخصوص؛ نحو: ﴿أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ﴾.. فالمراد بالناس: سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.
والفرق بين العام المخصوص والعام المراد به الخصوص: أن العام المخصوص عمومه مراد تناولًا من حيث اللفظ، غير مراد من حيث الحكم.. والعام المراد به الخصوص عمومه غير مراد لا تناولًا ولا حكمًا.. وأن المراد به الخصوص يعتبر استعمال العام فيه من قبيل المجاز، والمخصوص من قبيل الحقيقة، وأنه في حالة إرادة الخصوص يمكن أن يراد بالعام شخصًا واحدًا، بخلاف العام المخصوص، فلا يصح إرادة أقل من اثنين أو ثلاثة ليصدق على الباقي أنه عام.
المخصصات:
والمخصصات للعام إما متصلة به، أو منفصلة عنه؛ لكنها متصلة به ترفع إرادة العموم منه.
فالمخصص المتصل.. إما الاستثناء نحو: ﴿وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا، يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا، إِلاَّ مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلا صَالِحًا﴾.


الصفحة التالية
Icon