يوصله إلى مَن أراد أن يصل إليه الكتاب من غير تدخل من الأمين في الكتاب.
أما الأحاديث القدسية، ففيها وحي المعنى.. والتعبير عنها بألفاظ يختارها الرسول، وينسبها إلى الله الذي أوحى بها.
أما الحديث النبوي، فالوحي فيه بالمعنى، واللفظ من عند النبي، وهو منسوب في الجملة إلى مَن أوحى به، قال تعالى: ﴿وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى، إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى﴾.
وقول بعض العلماء: إن له -صلى الله عليه وسلم- أحاديث توفيقية، فإن أرادوا توفيقه إلى اختيار اللفظ المناسب للمعنى فمسلم، وإن أرادوا قبولها للخطأ فمردود ومردود؛ لأن الفعل كالنكرة، وقد وقع في سياق النفي، فنعم ﴿وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى﴾.. ثم أكد ذلك بصيغة الحصر فقال: ﴿إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ﴾.. وبين تجدده له وعدم انقطاعه عنه بقوله: ﴿يُوحَى﴾، ثم أوضح دور الملَك وهو التعليم فقط فقال: ﴿عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى﴾.
ودعوى أن جبريل كان يوحي بالمعنى واللفظ من عند النبي، وذلك في القرآن دعوى باطلة. وما نظن أن أحدًا من المسلمين أراد بها أن يخلط بين القرآن وغيره؛ وإنما أراد تفسيرًا لمعنى النزول لغة، ويقول للذين جعلوا كلام الله فقط للصفة القائمة به: إن إنزال ذلك ممتنع.. وللذين يجعلون الكلام شاملًا للفظ والمعنى يقول لهم: الإنزال للجواهر، والألفاظ والمعاني من الأعراض.
ولست أدرى لماذا لم يكن إنزال جبريل بالقرآن كما يلقن أحدنا شخصًا آخر ألفاظًا لها مدلولها ومعانيها، وتبليغ ذلك لشخص ثالث.
وللوحي كيفيات؛ منها وهي أشده عليه: أن يأتيه مثل صلصلة


الصفحة التالية
Icon