الشبهة السادسة: أين اللغات السبع؟ وبأي لسان كانت؟
والجواب: أن اللهجات الست قد درست فلا حاجة لمعرفتها، وقد قيل: خمس منها لعجر من هوازن، واثنان لقريش وخزاعة. ومثل هذه الأخبار لا يصح ثبوتها.
وقد كانت للغة قريش المنزلة الرفيعة؛ لمكانتهم الدينية والسياسية، وكانت قريش لا تأخذ اللغة إلا عما استقام لسانه ولم يتأثر بغيره.
٦- الأحرف السبعة لغات سبع متفرقة في القرآن كله، وليس معناه أن المعنى الواحد يجيء بسبع لهجات كالرأي السابق؛ بل معناه: أن كلمة قد تجيء بلغة وأخرى تجيء بلغة أخرى حتى ينتهى إلى سبع.
واستدل أصحاب هذا الرأي بأن ابن العباس لم يفهم ﴿فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ حتى سمع المتخاصمان يقول أحدهما عن البئر: أنا فطرتها. ولم يفهم: ﴿وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ﴾ حتى قالت بنت ذي يزن: تعالَ أفاتحك. وعمر لم يفهم: ﴿وَفَاكِهَةً وَأَبًّا﴾ أو ﴿يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ﴾.
وقد اختلف أصحاب هذا الرأي: هل الأحرف السبعة من لغة العرب، أم مضر، أم قريش؟ والظاهر أن شيئًا من هذا لم يصح ثبوته.
فابن عباس وعمر أكبر مما نسب إليهما، ولئن صحت هذه الأخبار، فتوقفهما لأنهما لم يسمعا عن النبي -صلى الله عليه وسلم- شيئًا في ذلك.
وقد نُوقش أصحاب هذا القول بما يأتي:
أ- أن ذلك لم يؤدِّ إلى التيسير المطلوب؛ بل يجعل القرآن أبعاضًا مختلفة.
ب- لو كان هذا الرأي صحيحًا، فكيف اختلف الصحابة في لفظ واحد؟
ج- ما استندوا إليه من أن في القرآن أحرفًا بغير لغة قريش، يحتمل أن يكون قد تخيرتها قريش، أو توافقت مع لغتها -كما سبق.


الصفحة التالية
Icon