والذي أختاره هو ما ذهب إليه الراغب في مفرداته؛ حيث قال: الآيات عند اعتبار بعضها ببعض ثلاثة أضرب: محكم على الإطلاق، ومتشابه على الإطلاق، ومحكم من وجه متشابه من وجه.. فالمتشابه بالجملة ثلاثة أضرب: متشابه من جهة اللفظ فقط، ومن جهة المعنى فقط، ومن جهة اللفظ والمعنى معًا.. فالمتشابه في اللفظ ضربان:
أحدهما: يرجع إلى الألفاظ المفردة، إما من جهة الغرابة نحو: أبًّا، أو الاشتراك: كاليد، تطلق على الكف وعلى الذراع وتمتد إلى المنكب.
وثانيهما: يرجع إلى الكلام المركب، وذلك ثلاثة أضرب: ضرب لاختصار الكلام نحو: ﴿فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ﴾ مختصر عن قوله: "غفرت خطاياه وبدلت سيئاته حسنات"، وضرب لبسطه؛ نحو: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾.. لأنه لو قيل: ليس مثله شيء، كان أظهر للسامع..
وضرب ثالث لنظم الكلام؛ نحو: ﴿أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجَا، قَيِّمًا﴾ وتقديره: أنزل على عبده الكتاب قيمًا ولم يجعل له عوجًا.
أما المتشابه من جهة المعنى؛ فكأوصاف الله سبحانه، والأمور الغيبية، فإننا لا نتصورها على الحقيقة ما لم نشاهدها؛ إذ العقل لا يتصور الشيء إلا بعد أن تنقله الحواس له، وإلا كان التصور خيالًا.
وأما المتشابه من جهة اللفظ والمعنى فخمسة أقسام:
١- ما كان التشابه فيه من جهة الكم كالعموم؛ نحو: ﴿فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ﴾.
٢- ما كان التشابه من جهة الكيفية؛ كالوجوب، والندب، والإباحة؛ نحو: ﴿إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً فَاكْتُبُوهُ﴾.


الصفحة التالية
Icon