والقاعدة: أنك إذا أردت أن تعرف المناسبة بين آيات السورة الواحدة؛ فتعرَّف على الغرض الذى من أجله سيقت السورة، والمقدمات الموصلة إليه قربًا وبعدًا، واللوازم في جزئيات تلك المقدمات التي تنتقل بالسامع من حالة إلى حالة..
ومما تجدر الإشارة له التعرف على الانسجام الكامل بين أول السورة ونهايتها، وعلى سبيل المثال: سورة القصص التى ابتدأت بالحديث عن موسى والوعد بردِّه إلى أمه، ودعائه ألا يكون ظهيرًا للمجرمين. وختمت بحديث إلى محمد، ووعده بالرجوع إلى مكة أم القرى: ﴿إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ﴾ وقد عاد إليها منتصرًا، وقيل له: ﴿فَلا تَكُونَنَّ ظَهِيرًا لِلْكَافِرِينَ﴾.
وسورة المؤمنون افتتحت بفلاحهم، وقبل آخرها بآية قال: ﴿إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ﴾.
وفي سورة ص قال في مبدئها: ﴿وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ﴾ وفي آخرها قال: ﴿إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ﴾.
وفي سورة القلم نَفى في أولها ما رُمي به ﷺ من الجنون فقال: ﴿مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ﴾، وفي آخرها حكى قول المشركين فقال: ﴿وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ﴾.. فسبحان من نفى عن رسوله التهمة قبل حكايتها..
ومما يجدر التنبه له التعرف على المناسبة بين بدء السورة وختام ما قبلها؛ كقوله في آخر سورة الطور: ﴿وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ﴾، ثم قال في السورة التي تليها: ﴿وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى﴾.
وفي آخر سورة الواقعة: ﴿فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ﴾، وفي أول سورة الحديد التي تليها: ﴿سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ﴾..