فإذا لاحظنا شمول العام قبل التخصيص، ولاحظناه بعد التخصيص؛ تبين لنا أن العام لم يبطل حكمه كله بعد التخصيص؛ وإنما ارتفع الحكم عن المقدار الذي يتناوله التخصيص.
فإذا قلنا: فاز كل مؤمن بالجنة، والمصلون برضوان الله، قصر الفوز برضوان الله على المصلين من المؤمنين. أما غير المصلين، فلم يفوزوا برضوان الله.
فأنت ترى أن التخصيص والنسخ قد يلتقيان في بعض الصور، وقد ينفرد النسخ بصورة لا يصح أن يقال فيها بالتخصيص؛ وهي: إذا بَطَلَ الحكم بالكلية.
وأما الاستثناء: فإنه رفع لحكم كان سيدخل لولا الاستثناء، فليس بينه وبين النسخ عَلاقة.
٧- من القرآن ما نسخ حكمه وبقيت تلاوته؛ كقوله تعالى: ﴿وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَو تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ﴾ فإنه منسوخ بالنسبة للمحاسبة على ما في داخل النفس.. وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم: "إن الله تجاوز لأمتي عما وسوست به صدروها ما لم تفعل أو تكلم". ويعضده قوله سبحانه: ﴿لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾.
ومنه ما نسخت تلاوته وبقي حكمه؛ ومثاله: "الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما نكالا من الله والله عزيز حكيم"، كان ذلك مما يُتلى ثم نسخ وبقي حكمه، وهو رجم الزانيين المحصنيين.
وفي هذا الذي قالوه نظر؛ لأن عدم وجوده في التلاوة التى مات عنها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يجعلنا نصرف النظر عن كونه قرآنًا، ونعتبر حكم الرجم ثابتًا بالسنة، فإذا أضفناه لقول الله: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ