لكنهما يفترقان افتراقا كليا في تعريف النظائر. وقد وقفنا قبل حين على التعريف اللغوي للنظائر فرأيناها تدل على التساوي في التشابه. لكن المقصود بها في هذا التعريف عكس ذلك تماما. فهي تعني هنا الانتقال باللفظ المشترك (يعني أمة في مثالنا) من معنى إلى آخر. يعني ذلك أن اللفظ المشترك الوارد بمعنى معين في مجموعة من الآيات يعتبر نظيرا لنفسه عندما يرد في مجموعة ثانية يكون فيها بمعنى ثان.
ويمكن أن نستعمل الرسم السابق لنجسم الفرق الحاصل بين التعريفين: (انظر الرسم رقم: ٢).
الشكل الثاني
فالمقصود بالنظائر في هذا التعريف اللفظ الواحد، وبالتالي الآية التي ذكر فيها اللفظ، عندما يرد في سياقات مختلفة بمعان مختلفة. فيكون بذلك عدد النظائر في هذا التعريف على عدد الوجوه، مهما كان عدد الآيات المندرجة تحت كل معنى من معاني اللفظ المشترك. ولا يمكن الفصل بين الوجوه والنظائر في هذا التعريف، لأن النظائر تمثل التعبير اللفظي عن الوجوه.
فلفظة: "وجوه"، وبالتالي عبارة: "لفظ مشترك"، يتضمنان مفهوم النظائر ضرورة لأن اختلاف المعاني لا بد أن يبرز في اللفظ، وذلك ما تحققه النظائر.
وهذا هو المطعن الذي وجهه الزركشي إلى هذا التعريف. فهو يقول: "وقيل النظائر في اللفظ، والوجوه في المعاني. وضعف لأنه لو أريد هذا لكان الجمع (يعني الجميع: الوجوه والنظائر) في الألفاظ المشتركة". وهذا غير ممكن حسب الزركشي الذي توجه إلى واقع كتب الوجوه والنظائر، فوجدها تميز بين المصطلحين، ولم تجعل بينهما علاقة عضوية، من شأنها أن يتم عن طريقها معنى أحدها بالأخرى. فليست النظائر عند الزركشي سوى أمثال، يعني آيات متشابهة يتكرر فيها معنى معين من معاني اللفظ المشترك. فهي لا تضيف إلى مفهوم "الوجوه" أي شيء يذكر، بينما هي عند حاجي خليفة ضرورية لأنها تجسيم لفظي، يعبر عن الوجه المراد.
فالفرق بين الزركشي وبين حاجي خليفة في تعريف النظائر يتمثل في أن الأول قد سلك في تعريفها سبيل المناطقة، مراعيا الاتفاق المعنوي بين الألفاظ، إلى جانب الاتفاق اللفظي، بينما عمد حاجي خليفة إلى اعتبار التشابه اللفظي فحسب.
أي التعريفين أقرب إلى واقع كتب الوجوه والنظائر؟
يظهر أن التعريف الأول أقرب إلى واقع كتب الوجوه والنظائر من التعريف الثاني. ذلك أن المؤلفين في الوجوه والنظائر القرآنية يذكرون لفظة: "نظير" عند سرد الآيات