إنّ ما سقناه يجعلنا نميل إلى اعتبار التَّصاريف من تأليف ابن سلاّم الجدّ، وحتَّى إن لم يكن هو المؤلف مباشرة، فالأقرب إلى الذّهن أن يكون يحيى الحفيد قد سلخه من التفسير وقدّمه في كتاب مستقل.
على أنّ نسبة الكتاب إلى هذا أو ذاك لا تغير من جوهره شيئا، لأنه مبنيّ على الرواية، وهذه لا تختلف باختلاف الرّاوي.
أمَّا السَّبب الثَّاني في عدم اشتهار كتاب معيَّن، وهو انعدام جدواه، فهذا ممَّا لا يصحّ في كتاب في علم الوجوه والنَّظائر، وقد مرّ بنا شدة اهتمام العلماء بهذا الفنّ وكثرة تآليفهم فيه.
بقي السبب الثالث، وهو إمكانية ضياع الكتاب، وهو هام في نظري لسببين:
١- ذلك أنَّنا لا نملك من التصاريف سوى نسخة واحدة، وهي نسخة ناقصة، كتبت بخطين مختلفين.
- ما أفدناه من السّماعات المسجَّلة بالجزأين: الأوّل والرّابع. والذي يمكن استخلاصه من تلك السَّماعات، أن الكتاب لم يشتهر في القيروان، إذ لم يرد ذكره في ترجمة أية شخصية من شخصياتها، ويظهر أنّه دُرِّسَ بسوسة على شيخ لم يشتهر، وعلى طلبة لم يعرفوا عموما. فلعلّ هذا هو السَّبب الأصلي في عدم اشتهار الكتاب في إفريقية وبالتَّالي في الشرق.
تجزئة كتاب التصاريف
يوجد بين أيدينا من التَّصاريف ما يلي:
الجزء الأوّل: وهو تامّ، كتب على الصفحة الأولى منه العنوان وصاحب الكتاب هكذا:
الأول من التصاريف، ليحيى بن محمد بن يحيى بن سلام
أمَّا الصفحة التي اعتبرناها الأخيرة في الجزء، فلم يسجل عليها عبارة تفيد انتهاء الجزء، ولم نلاحظ بها اسم النَّاسخ ولا تاريخ النَّسخ الَّذي تختم به الأجزاء الخطية القديمة عادة. إنما لاحظنا تسجيل عدّة سماعات إثر النَّص الَّذي توقف وسط الصّفحة تقريبا. وتسجَّل السّماعات في الغالب في آخر الكتاب (أو في أوّله). وأوّل كلمة وردت في الجزء هي كلمة: "هدى". وآخر كلمة هي لفظة: "عدوا" التي لم يرد منها سوى العنوان. فاشتمل الجزء بذلك على اثنتين وثلاثين كلمة مفسرة وعنوان كلمة "عدوان".


الصفحة التالية
Icon