سمع من البهلول بن راشد، وقد توفِّي البهلول ١٨٣/٧٩٩ ولم يسمع منه يحيى سوى حديث واحد. معنى ذلك أنه لم تطل صحبته له.
فيحصل من هذا كله أن ابن سلاّم قدم إفريقيَّة بين ١٨٠/٧٩٦ - و ١٨٣/٧٩٩ ويكون حينذاك قد دخل في العقد السَّادس من عمره.
ما هي أسباب هجرة يحيى إلى إفريقية؟
لا سبيل إلى تقديم إجابة دقيقة حول هذا السؤال. فإن المصادر لا تعيننا على ذلك.
ولا أعتقد بأن المناخ السِّياسي بإفريقيَّة، في الفترة الَّتي دخلها ابن سلاّم هو الَّذي شجَّعه على القدوم إليها. فقد صادف دخوله الَّذي رجَّحنا أن يكون قد تمّ بين (١٨٠-١٨٣هـ) انقضاء إمارة المهالبة بسبب ثورة أهل تونس على المغيرة، عامل الفضل بن روح بن حاتم عليها سنة ١٧٨/٧٩٤.
كما صادف ولاية محمد بن مقاتل العكِّي على إفريقيَّة سنة ١٨١/٧٩٧. ومعلوم أنه قد وقعت الثورة عليه من طرف عامله بتونس: تمَّام بن تميم التَّميمي لجوره. وانتهى الأمر بعزل العكي وتولية إبراهيم بن الأغلب (١٨٤/٨٠٠). فإن لم يكن الجوّ السياسي هو الذي قد دعا ابن سلاّم إلى دخول افريقية، فلعلّ الجانب العلمي هو الَّذي دفعه إليها. ولا نقصد أن القيروان قد أصبحت في هذه الفترة المبكرة من التاريخ محطّ أنظار طلاّب العلم، يرحلون إليها للأخذ عن علمائها فإن ذلك لم يحصل بعد، إنَّما الذي نقصده ربَّما كان عمليَّة عكسيَّة.
فقد قصد رجال القيروان في القرن الثَّاني بلاد المشرق طلبا للعلم. وبرز في تلك الفترة، من تلاميذ مالك الأفارقة، عبد الرحمن بن زياد بن أنعم المعافري (ت١٦١/