وإن اختلفت صورة خبر عون في كتاب أبي العرب وكتاب المالكي، فإن جوهره فيهما واحد. ومفاده: أنّ ابن سلام ليس من المرجئة، إنَّما انجرّت إليه التّهمة بسبب سوء تفاهم وقع بين موسى بن معاوية الصّمادحي وسحنون حول المسألة.
ولا يمكن أن نتبيّن حقيقة مذهب ابن سلاّم بالاكتفاء بما ورد في هذين المصدرين، خاصة وأن مقالة أبي العرب متأثرة بما ورد عن حفيد ابن سلاّم، وإن كان موثّقا.
فالأسلم أن نبحث في التَّفسير، هل نجد فيه أثرا لهذا المذهب.
ماذا نجد في التّفسير؟
نجد فيه ذمّا للأهواء والبدع، ودعوة إلى اتِّباع السّنَّة. فقد جاء في تفسير قوله تعالى: ﴿وَلاَ تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ﴾ ما يلي: "قال النَّضر، وسمعت أبا قلابة يقول لأيّوب: يا أَيّوب، احفَظ منِّي ثلاثا: لا تقاعد أهل الأهواء، ولا تستمع منهم... ".
وروى يحيى حديثا عن مكحول، قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "السّنَّة سنَّتان، سنة في فريضة، الأخذ بها هدى، وتركها ضلالة، وسنَّة في غير فريضة، الأخذ بها فضيلة، وتركها ليس بخطيئة".
ونجد في التَّفسير تأكيدا على التَّوحيد، ومبالغة في ذمّ الشرك. روى يحيى عن سفيان الثوري أن رسول الله صلى عليه وسلم، سئل عم الموجبتين، فقال: "من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنَّة، ومن مات يشرك بالله دخل النَّار".
ونجد فيه أيضا إشادة بالأعمال. روى يحيى عن جعفر بن برقان الجزري عن أبي الدرداء، قال: "ويل لمن لا يعلم مرّة، ويل لمن يعلم ثمّ لا يعمل سبع مرات".
فالجزاء مرتبط بالأعمال: "خلق الله تبارك وتعالى السماوات والأرض للقيامة ليجزي الناس بأعمالهم".


الصفحة التالية
Icon