أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٢١) وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ}.
النور ٢٤: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (٢٣) يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾.
يس ٦٥: ﴿هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (٦٣) اصْلَوْهَا الْيَوْمَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (٦٤) الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾.
وأصل الشهادة في اللغة من الشهود أي الحضور، والمشاهدة: المعاينة وما شهادة الإنسان على نفسه بكنود، وإقراره بكفران نعمة ربه، إلا من هذا الذي ألفناه في البيان القرآني، من إلزام بالحجة وتأكيد لفداحة الذنب وأعتراف به، في موقف الزجر والوعيد، حيث لا سبيل بعد مثل هذه الشهادة الدامغة، إلىتنصل من الذنب أو إدعاء البراءة منه.
لكن عدداً من المفسرين أضاعوا هذا الملحظ البياني بقولهم: إن الضمير في ﴿وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ﴾ يعود إلى الله تعالى.
مع أن المعنى إنما يقوى بأن يكون الإنسان شاهداً على نفسه، وهذا هو ما تؤيده آيات الشهادة التي استأنسنا بها في فهم الآية.
ثم عادوا في آية ﴿وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ﴾ فجعلوا الضمير للإنسان، فتمزقت بهذا الصنيع وحدة السياق في الآيات الثلاث.
وقالوا في تفسير الخير هنا إنه المال، واستأنسوا بآية الوصية الواجبة.
﴿كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ﴾. البقرة ١٨٠.