ذروة عنفه، ثم تدع ما بعد ذلك للخاطر يذهب فيه كل مذهب، وقد آل الأمر كله إلى العليم الخبير.
ولسنا هنا بحاجة إلى القول بتضمن خبير لمعنى "مجاز لهم في ذلك اليوم" بل أولى منه أن نلحظ أن القرآن لم يستعمل الخبير قط، إلا مسنداً إلى الله تعالى أو اسماً من أسمائه الحسنى باستقراء مواضع الكلمة وهي نحو خمسة وأربعين.
وتفسيره بالعليم غير دقيق، إذ جاء الخبير مقترناً بالعليم في آية التحريم ٣: ﴿قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ﴾. ولقمان ٣٤ والحجرات ١٣: ﴿إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾ والنساء ٣٥: ﴿إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا﴾ فدل ذلك على أن الخبرة غير العلم، وأفترن الخبير بالحكيم ﴿وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ﴾ في آيات الأنعام ١٨، ٧٣، وسبأ ١، وآية هود ١ ﴿مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ﴾ كما أفترن بالبصير في آية الشورى ٢٧: ﴿إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ﴾. ومعها آيات: الإسراء ١٧، ٣٠، ٩٦ وفاطر ٣١.
وتفرد الله وحده بوصف ﴿الْخَبِيرُ﴾ - وليس الأمر كذلك في العليم، حيث جاء وصفاً لغير الخالق في آيات: يوسف ٥٥، ٧٦، الحجر ٥٣، الشعراء ٣٤، ٣٧. وهذا التفرد يدل على أن الخبرة أخص من العلم، وهو ما يظهر بوضوح في آيات:
فاطر ١٤: ﴿..... ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ (١٣) إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ﴾.
الفرقان ٥٨، ٥٩: ﴿وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا (٥٨) الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا﴾.


الصفحة التالية
Icon