طوع لسانهم - أن يأتوا بسورة من مثله، فآمنوا بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم. لما تلا فيهم آيات القرآن معجزة نبوته وآية رسالته، وإنه لبشر مثلهم، يأكل الطعام ويمشي في الأسواق.
* * *
وإذا كنت أجرو بهذه المحاولة، أن أتيح لمثلها- أو لما هو خير منها - مكاناً في صميم الدرس الأدبي بالجامعة، فإني لأطمع كذلك في أن أؤكد بها ما سبق أن قرره أستاذنا، من أن الدراسة المنهجية لنص القرآن الكريم، يجب أن تتقدم كل دراسة أخرى فيه، لا لأنه كتاب العربية الأكبر فحسب، ولكن - لأن الذين يعنون بدراسة نواح أخرى فيه، والتماس مقاصد بعينها منه؛ لا يستطيعون أن يبلغوا من تلك المقاصد شيئاً دون أن يفقهوا أسلوبه ويهتدوا إلى أسراره البيانية التي تعين على إدراك دلالاته. فسواء أكان الدارس يريد أن يستخرج من القرآن أحكامه الفقهية، أو يستبين موقفه من القضايا الاجتماعية أو اللغوية أو البلاغية، أم كان يريد أن يفسر آيات الذكر الحكيم على انحو الذي ألفناه في كتب التفسير، فهو مطالب بأن يتهيأ أولاً لما يريد، ويعد لمقصده عدته: من فهم مفردات القرآن وأساليبه، فهماً يقوم على الدرس المنهجي الاستقرائى ولمح آسراره في التعبير.
* * *
ثم إن القرآن الكريم هو مناط الوحدة الذوقية والوجدانية لمختلف الشعوب التي أتخذت العربية لساناً لها، ومهما تتعدد لهجاتها وتختلف أمزجتها وتتابين أساليبها الخاصة في الفن القولي يبق القرآن الكريم، في نقاء أصالته، كتابها القيم الذي تلتقي عنده الشعوب العربية اللسان، على اختلاف لهجاتها وأقطارها، وتفاوت تأثرها بالعوامل الإقليمية، كما تلتقي عنده كتاب عقيدة وشريعة. ومنهاج.
غير أن الظروف الدينية والسيايية والتاريخية، التي تعرض لها فهم العرب للقرآن الكريم، وتعرض لها تأويله - وهو الكتاب الديني لشعوب شتى -