مما لا سبيل معه إلى الإهتداء إلى الدلالة القرآنية لألفاظه، أو لمح ظواهره الأسلوبية وخصائصة البيانية.
وقد طبق بعض الزملاء هذا المنهج تطبيقاً ناجحاً، في موضوعات قرآنية اختاروها لرسائل الماجستير والدكتوارة. وأتجه بمحاولتي اليوم إلى تطبيق المنهج في تفسير بعص سور قصار ملحوظ فيها وحدة الموضوع وأكثرها من السور المكية حيت العناية بالأصول الكبرى للدعوة الإسلامية..... وقصت يهذا الإتجاه، إلى توضيح الفرق بين الطريقة المعهودة في التفسير، ومنجهنا الإستقرائي الذي يتناول النص القرآني في جوه الإعجازي، ويقدر حرمة كلماته بأدق ما عرفت مناهج النصوص من ضوابط، ويلتزم دائماً قوله السلف الصالح: "القرآن يفسر بعضه بعضاً" - وقد قالها المفسرون ثم لم يبلغوا منها مبلغاً - ويحرر مفهومه من العناصر الدخلية والشوائب المقحمة على أصالته البيانية.
* * *
وسيرى المتخصصون في الدراسة القرآنية - بيانية أو فقهية - مدى حاجتنا إلى فهم نصه قبل أي شيء آخر، وسيرون كذلك ما تكشف عنه المحاولة من شطط التأول في كثير من كتب التفسير واللغة والبلاغة، أو من بعد التكلف وإعتساف الملحظ، وتحميل ألفاظ القرآن وعباراته ما يأباه القرآن نفسه حين تحتكم إليه.
وسيبهرهم بلا ريب، ما بهرني من أسرار له بيانية، هدى إليها الدرس المنهجي الاستقرائي والتدير المرهف: في اللفظ لا يقوم مقامه سواه، وفي الحرف لا يؤدى معناه حرف آخر، وفي الحركة أو النبرة مكانها في النظم الباهر....
* * *
ولا أريد أن أتزيد هنا يسوق أمثلة من ذلك كله، بل لا أريد كذلك أن أسيق إلى توقع ما سوف تحدثه المحاولة من أثر أو ما قد يعقبها من صدى، فاياً ما كان الرأي فيها، وأياً ما كان حظها من التوفيق، فحسبي الذي نلت من ثوابها، وما أجدت على مادة وذوقاً وفهماً، حين انقطعت لخدمة كتاب