قال النيسابورى: "اتفقوا على أن جواب لو محذوف، لأن قوله: "ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ} : أمر واقع قطعاً، فلو كان ﴿لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ﴾ جواباً للشرط، كانت الرؤية أمراً مشكوكاً فيه، فيلزم المخالفة بين المعطوفات يعني: عطف ﴿ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ﴾ على ﴿لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ﴾ - أو الشك فيما هو واقع قطعاً، كلاهما غير سديد".
وقال الرازي: "اتفقوا على أن جواب لو محذوف، وأنه ليس قوله: ﴿لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ﴾ حواب له، إذ لو كان جواباً لوجب ألا تحصل الرؤية، وذلك باطل".
وهكذا تتدخل الصنعة النحوية في نسق البيان الأعلى، وتقطع ما بين الآيتين، ثم تحوج إلى تأول تتمة مفترضة لكل منهما، مع أن المعنى يقوى بلا ريب، لو وصلنا بين الآيتين، إذ تكون رؤية الجحيم عين اليقين القاضية على كل شك، المحققة لعلم اليقين لا ريب فيه.
فهل تأبى العربية حقاً، ربط الآيتين، بمقتضى ما قرره جمهور النحاة من امتناع جواب لو، لامتناع شرطه؟
"لو" تأتي في العربية على خمسة أوجه، بينها إبن هشام في (المغنى) ونقل في الشرطية منها اختلافهم في الامتناع بها، ومنه قولهم:
(أنها تفيد امتناع الشرط وامتناع الجواب جميعاً. وهذا هو القول الجاري على ألسنة المعربين، ونص عليه جماعة من النحويين. وهو باطل بمواضع كثيرة.... ومنها قوله تعالى: ﴿وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ﴾ ).... إلى أن قال بعد استيفاء بيان بطلانه:
(وقد اتضح أن أفسد تفسيرا لـ: لو، قول من قال: حرف امتناع لامتناع... ).
* * *
وأضيف إليه من الشواهد القرآنية، آيات:
الشعراء ٣٠: {قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُبِينٍ (٣٠) قَالَ فَأْتِ بِهِ إِنْ كُنْتَ