وفي "الزمر" بقسوة القلب والضلال المبين، وفي "الأنعام" بضيق الصدر وحرجه ورجس الكفر......
وهذا التتبع، يزيدنا بعدا عن المعنى المادي لشرح الصجر، ويجعلنا أكثر طمأنينة إلى أنه هدى الإيمان ونور الحق وراحة اليقين والسلام النفسي.
وشرح الصدر للكفر، في سياق الوعيد بآية النحل، شاهد بأن الأمر فيه معنوي خالص......
* * *
وكونه طمأنينة نفس، وهدى إيمان، وارتياحاً إلى اليقين، يجعلنا نتردد في تفسير الصدر هنا بالجارحة كما ذهب النيسابورى، أو أنه "قوي الشهوة والهوى والغضب" ونحوها مما عده "الراغب"..... لنحتكم في هذا إلى اتلقرآن نفسه، حيث جاء لفظ ﴿صَدْرً﴾ بصيغة المفرد، عشر مرات، كلها بلا استثناء، إما مع الشرح في الآيات الخمس التي أشرنا إليها، وإما مع الضيق والحرج في آيات:
هود ١٢: ﴿وَضَائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ﴾.
الأعراف ٢: ﴿كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ فَلَا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ﴾.
الحجر ٩٧: ﴿وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ﴾.
خطاباً للرسول - ﷺ -.
ومعها آية الشعراء، حكاية عن موسى عليه السلام:
﴿قَالَ رَبِّ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ (١٢) وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلَا يَنْطَلِقُ لِسَانِي فَأَرْسِلْ إِلَى هَارُونَ﴾ ١٢، ١٣.
واألأنعام ١٢٥: ﴿يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا﴾.
وجاءت ﴿صُدُورِ﴾ جمعاً في آيات كثيرة، منها ما اقترن بالشفاء ﴿وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ﴾ التوبة ١٤، ﴿وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ يونس ٥٧.


الصفحة التالية
Icon