وفي البحر المحيط: "وقيل: مع كل عسر يسران، من حيث إن العسر معرف بالعهد، واليسر منكر، فالأول غير الثاني".
وزيفة "الجرجاني" قال: "من المعلوم أن القائل إذا قال إن مع الفارس سيفاً إن مع الفارس سيفاً، لم يلزم منه أن يكون هناك فارس واحد معه سيفان".
وتوسع النيسابورى في افتراض إحتمالات شتى: إذا كان المراد بالعسر الجنس لا العهد، لزم اتحاد العسر في الصورتين، وأما اليسر فمنكر، فإن حمل الكرلا الثاني على التكرار مثل ﴿فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾ ونحوه، وكان اليسران واحداً، وإن حمل على أنه جملة مستأنفة، لزم أن يكون اليسر الثاني غير الأول وإلا كان تكراراً والمفروض خلافه. وإن كان المراد بالعسر المعهود، فإن كان المعهود واحداً وكان الثاني تكراراً كان اليسران أيضاً واحداً، وإن كان مستأنفاً كانا أثنين وإلا لزم خلاف المفروض. وإن كان المعهود أثنين فالظاهر إختلاف اليسرين وإلا لزم أو حسن أن يعاد اليسر الثاني معرفاً بلام العهد فهو واحد، والكلام الثاني تكرير للأول لتقريره في النفوس، إلا أنه يحسن أن يجعل اليسر فيه مغايراً للأول لعدم لام العهد، ولعل هذا معنى الحديث، إن ثبت والله أعلم ورسوله، فإن لم تثبت صحة الحديث أمكن حمل الآية على جميعها، وإن ثبت صحته وجب حملها على وجه يلزم منه اتحاد العسر وإختلاف اليسر، وحينئذ يكون فيه قوة الرجاء ومزيد الاستظهار برحمة الله".
والذي في جمهرة التفاسير لا يكاد يخرج عن هذه الإحتمالات والإفتراضات التي تقصاها النيسابورى. وقد ذهبوا في تأويل اليسرين، بأنهما يسر العاجل، ويسر الآجل، قيل إنع ما تيسر لهم من الفتوح في أيام الرسول والخلفاء الراشدين، وقيل هو يسر الآخرة.
والأمر فيما نرى أوضح من أت نتكلف له هاتيك التأويلات المعقدة التي يغيب فيها وجه البيان لنصل آخر الأمر إلى أن يسرين لا يغلبهما العسر الواحد. أو أن الآية الثانية استئناف، "فيكون معناها أهم من سابقتها"!!