وفرغ للأمر توفر له وأخلى نفسه من كل ما عداه. ومنه آية الرحمن:
﴿سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلَانِ﴾.
وإذا، ظرف لما يستقبل من الزمان. والفاء - فيها، وفي: فانصب - ملحوظ فيها إلى جانب المسببية، الترتيب الذي يأتي على التعاقب. فالفراغ متصل السبب بما سبقه من شرح الصدر ووضع الوزر ورفع الذكر. كما يتصل به من ناحية أخرى، ما بعده من نصب.
والنصب ملحوظ فيه معنى الجهد والتعب، والقيام أو الشخوص. وكلا المعنيين - التعب والشخوص - أصيل في المادة، يقال: هم ناصب، أي مرهق مجهد. والحرب مناصبة، أي مجاهدة وعداء. ونصب العلم: أقامة شاخصاً، ونصب حول الحوض نصائب. وهي حجارة تكون عضداً له. والأنصاب الحجارة الشاخصة، كانوا ينصبونها ويصبون عليها دماء الذبائح، واحدها نُصْبٌ ونُصُب. ونصبته للأمر حميلته عبئه، ومنه المنصب يحتمل المرء عبئه.....
ومعنى الشخوص والإقامة. أوضح في آية الغاشية ١٩:
﴿وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ﴾.
ومعنى التعب والجهد متعين في آيات:
الكهف ٦٢: ﴿لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا﴾.
التوبة ١٢٠: ﴿لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ﴾.
فاطر ٣٥: ﴿لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ﴾.
ومعها: الحجر ٤٨.
والضمير في آيتي فاطر والحجر عائد على الجنة، حيث لا يمس المؤمنين فيها نصب ولا لغوب.
ويبدو من صنيع "الراغب" أنه يميل إلى تفسير آية الشرح. بأن النصب فيها من النصيب، أي القسم المنصوب الشاخص، قال: "والنصيب الحظ