﴿وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا﴾.
جعل الأرض هنا فاعلة. وهي جماد، مضياً في تقرير مطاوعتها، وكونها مسخرة لمثل هذا. والسياق ملتئم مع الآية قبلها، من حيث تركيز الإهتمام على الحدث، دون شغل للسامع بمصدره أو محدثه.
وتكرار الأرض هنا مقصود، لترسيخ اليقين، والإقناع النفسي.
والأثقال جمع ثقل، وهو الحمل الشديد. واللغويون والمفسرون، متفقون على أن الثقل هنا نقيض الحفة ونص "الراغب" على أن أصل استعماله في الأجسام ثم في المعاني. فمن الأول: أثقلت المرأة فهي مثقل، ثقل حملها في بطنها. ومن الثاني: أثقله الهم والغرم والدين، والوزر.
وجاءت "الأثقال" في القرآن في ثلاث آيات: آية النحل ٧، والثقل فيها مادي، فيما تحمل الأنعام:
﴿وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ﴾.
وآية العنكبوت ١٣، والثقل فيها معنوي:
﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا اتَّبِعُوا سَبِيلَنَا وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ وَمَا هُمْ بِحَامِلِينَ مِنْ خَطَايَاهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (١٢) وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ وَلَيُسْأَلُنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَمَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ﴾.
وآية الزلزلة: ﴿وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا﴾.
فما هذه الأثقال التي تخرجها الأرض إذا زلزلت زلزالها؟
ذهب الزمخشري في (الكشاف) إلى أن الأثقال هي ما في جوفها من الدفائن


الصفحة التالية
Icon