والليل: ﴿وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى﴾.
والآية لم تذكر مفعول ﴿يَغْشَى﴾ وقد تأولوه إما على تقدير: يغشى النهار كله، كقوله تعالى: ﴿يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ﴾.
أو يغشى الشمس، كقوله تعالى: ﴿وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا﴾
وقيل الأرض وجميع ما فيها. يغشاها الليل بظلامه.
ومثله وقوف من وقف عند ﴿وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى﴾ ليتأول سبب التجلي "إما بزوال ظلمة الليل، وإما بنور الشمس".
ونرى أن القرآن الكريم في إمساكه عن ذكر متعلق ليغشى أو تحلى، يصرفنا عن تأويل محذوف أو مقدر، لنلتفت إلى أن الغشية والتجلي، من الليل والنهار، هما المقصودان بالتنبيه والالتفات، بما أعنى عن ذكر مفعول أو متعلق...
* * *
وسورة الليل مبدوءة بواو القسم، وهو عند المفسرين للإعظام، على أصل استعماله في اللغة. والذي أطمئن إليه، هو أن البيان قد يعدل عن هذا الأصل لملحظ بلاغي في التعبير، كمثل عدوله في الاستفهام والأمر والنهي عن أصل استعمالها الأول، إلى تقرير أو إنكار، أو زجر ووعيد، أو سخرية وتوبيخ، أو تعجيز وإفحام... على ما هو مألوف ومقرر في علم البيان.
لكن المفسرين لم يلتفتوا إلى احتمال أن يكون القسم بالواو هنا، وفي نظائرها من الآيات المستهلة بالواو، قد جاء على غير استعماله اللغوي الأول، لملحظ بياني، وإنما هو عندهم جميعاً على أصله من الإعظام والتعظيم، ومن ثم شغلوا بتأول وجه العظمة في الليل والنهار.
نقل الطبري عن قتادة: "أن الله أقسم بهما لعظم شأنهما، فهما آيتان عظيمتان يكورهما الله على الخلائق".
وقال "أبو حيان" في البحر المحيط: "أقسم بالليل الذي فيه كل حيوان يأوى إلى مأواه، وبالنهار الذي تنتشر فيه".
والتفت "ابن القيم" إلى اختلاف أحوال الليل والنهار في أقسام القرآن، وتأويله بأن