﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (٥) إِنَّ فِي اخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ﴾ (يونس ٦)
وأنظر معها آيات: (الأنعام ٩٦، يونس ٦٧، النمل ٨٦، آل عمران ١٩٠، الجاثية ٥).
وليس على هذا النحو من بيان الحكمة، تأتي آيات القسم بالواو بالليل وبالنهار التي عنى المفسرون بتأويل ما في خلقهما من حكمة وما في تعاقبهما من مصلحة.
غير ملتفتين إلى أن هذا التأويل حين يصدق على الليل مطلق الليل والنهار مطلق النهار، فإن الليل والنهار في سورة الليل مقيدان بالغشية والتجلي. وفي آيات أخرى يأتي القسم، بالواو، بالليل إذا سجى، وإذا عسعس، وإذا يسر، وإذا وقب، وإذا أدبر. وبالفجر، والصبح إذا أسفر، وإذا تنفس، والضحى.
ولابد أن يكون لكل قيد منها ملحظ في الدلالة يختص به.
وإذا لم يتعلق البيان في آيتى (الليل) بغير غشية الليل وتجلي النهار، نلمح السر البياني فيما تلفت إليه الواو من تقابل واضح محسوس ومدرك، بين غشية الليل بظلماته، وتجلي النهار بضيائه.
ومثله في الوضوح، التفاوت بين خلقه الذكر والأنثى:
﴿وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى﴾.
تأولها المفسرون على احتمال أن تكون (ما) بمعنى من، فيكون القسم بمن خلق الذكر والأنثى، أو أن يكون ﴿مَا خَلَقَ﴾ في موضع المصدر، أو على توهم المصدر، فيكون المعنى: وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى، ونظروا له بقول الشاعر:
تطوف العفاة بأبوابه كما طاف بالبيعة الراهب
بجر الراهب على توهم النطق بالمصدر، أي كطواف الراهب بالبيعة.
والجر هنا أقرب عندي إلى أن يحمل على المجاورة.
ولا يبدو لي وجه لهذا التنظير، وفي الآية "ما" وليست في الشاهد من قول الشاعر.