الفعل عسر. مع أن العربية من صيغ المصدر لملحظ خاص في الدلالة، كالرأي والرؤيا والرؤية: مصادر رأى، والوجود والوجد والموجدة والوجدان: مصادر وجد، والسعي والمسعى والسعاية: مصادر سعى.
نرى أن استعمال العسرى، كاستعمال اليسرى، ليس ملحوظاً فيه المصدرية كالعسر واليسر، وإنما الملحوظ فيهما، بصيغة الفعلى، أقصى اليسر وأشد العسر، أو هما اليسر الذي لا يسر مثله، والعسر الذي ما بعده عسر. ونظيرهما في القرآن من غير المادة: البطشة الكبرى، والنار الكبرى.
واستعمال التيسير مع العسرى، مبالغة في الوعيد والنذير لمن بخل واستغنى. وقد نظر له "الراغب" في (المفردات) بقوله تعالى:
﴿فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ والآية وعيد للذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله. (التوبة ٣٤)
ومثلها آيات: (النساء ١٣٨، والتوبة ٣، ولقمان ٧، والجاثية ٨، وآل عمران ٢١، والانشقاق ٢٤).
وفيها التبشير بعذاب أليم، للمنافقين، والكفار، والمستكبرين، والباغين.
كالتيسير للعسرى: مبالغة في الردع والنذير لمن بخل واستغنى.
* * *
﴿وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى﴾.
سبق استقراء الغنى في القرآن، في تفسير آية الضحى ﴿وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى﴾، وقد هدى إلى الفرق بين الغنى والثراء، إذ يغلب أن يكون الغنى غنى النفس وإن لم يوجد المال، ولا يكون الثراء إلا بالمال، ما لم يستعمل مجازياً.
والردى في اللغة الهلاك، ومن استعمالاته الحسية ألأولى: الرداة الصخرة، ورداه وأرداه رماه بها وصدمه، وتردى في البئر سقط، ثم استعمل في مطلق الهلاك.