وفي التوجية الإعرابي للآية، جوزوا أن تكون (ما) فيها نافية، وأن تكون استفهامية.
والنفي عندنا أولى، لما فيه من ملحظ التقرير لعدم غنى المال عن البخيل المكذب، إذا تردى.
* * *
﴿إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى (١٢) وَإِنَّ لَنَا لَلْآخِرَةَ وَالْأُولَى﴾.
الهدى الإرشاد إلى الطريق المستقيم، وأكثر ما يجيء في القرآن الكريم، نقيضاً للضلال والكفر.
والآخرة والأولى في الاستعمال اللغوي النهاية والبداية، أو المصير والمبتدأ، ملحوظاً فيهما الإتيان في الآخر، وفي الأول.
وتأتي الآخرة والأولى في المصطلح الديني بمعنى الحياتين الآخرة والدنيا. والأول والآخر من أسماء الله تعالى الحسنى.
وفي آية الليل، فسر "الطبري" الآخرة والأولى، بأن "لنا ملك ما في الدنيا والآخرة، نعطى منهما من أردنا من خلقنا ونحرم من شئنا. وإنما عنى بذلك جل ثناؤه أنه يوفق لطاعته من أحب من خلقه فيكرمه بها في الدنيا ويهيئ له الكرامة والثواب في الآخرة. ويخذل من شاء خذلانه من خلقه عن طاعته، فيهينه بمعصيته في الدنيا ويخزيه بعقوبته في الآخرة".
وأقتصر فيهما الزمخشري في (الكشاف) على ثواب الدارين للمهتدى.
ومثله "أبو حيان" في (البحر المحيط).
ونقل الرازي قول من قالوا في تأويل الآية: "إن لنا كل ما في الدنيا والآخرة فليس يضرنا ترككم الإهتداء بهدانا، ولا يزيد في ملكنا اهتداؤكم، بل نفع ذلك وضره عائدان عليكم، ولو شئنا لمنعاكم من المعاصي، إذ لنا الدنيا والآخرة".