وأكثر المفسرين على أن فاعل "يرضى" المضمر، هو الأتقى الذي يؤتى ماله يتزكى.
ونؤثر أن نبقيه على إطلاقه، فيحتمل رضى الأتقى، ورضى الأعلى.
والبيان القرآني يأتي بهذين الوجهين من الرضى متلازمين، في مثل آية الفجر:
﴿يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (٢٧) ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً﴾.
وآيات: البينة في خير البرية، والمجادلة في حزب الله، والمائدة في الصادقين:
﴿رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ﴾.
وفسروا رضى العبد عن ربه في آية الليل، بأنه لا يكره ما يجرى به قضاؤه تعالى.
(مفردات الراغب).
وهذه العبارة تقصر عن جلال الآية: ﴿وَلَسَوْفَ يَرْضَى﴾.
ولن تكون غاية رضى الأتقى الذي يؤتى ماله يتزكى ابتغاء وجه ربه الأعلى، إلا أن يرضى عنه ربه، ولسوف يرضى.
وإنها لكما قال "ابن القيم" أعلى الغايات وأشرف المطالب.
* * *
وعلى هذا النسق من البيان المعجز، يتم الربط بين المقسم به في أول السورة:
﴿وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى (١) وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى (٢) وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى﴾
والمقسم عليه من تفاوت سعى البشر في الأولى، بين إعطاء خير وتقوى وتصديق بالحسنى، وبخل خاسر وتكذيب بالحسنى.
ثم التفاوت في الأخرى، بين مصير الأشقى الذي يصلى ناراً تلظى، والأتقى ﴿الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى (١٨) وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى (١٩) إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى (٢٠) وَلَسَوْفَ يَرْضَى﴾
صدق الله العظيم