ولا تكون الشفاعة إلا ممن هو أقوى أو أعلى حرمة ومرتبة، لمن هو أدنى منه، على ما لحظ الراغب في (المفردات).
والشفعة في الشريعة: حق المالك لدار أو عقار، للشريك أو الجار، مع دفع العوض.
واستعمل الشفع، بملحظ الأزدواج، في العدد الزوجي.
ونقيضه الوتر، أي العدد المفرد لم يشفع بعدد آخر.
ويقول العرب: ناقة مواترة، تضع إحدى ركبتيها في البروك ثم تضع الأخرى، ولا تبرك بهما معاً، والمواترة بين الأشياء أن تقع بينهما فترة، ومواترة الصوم أن تصوم على غير مواصلة، ووتر القوم أو جعل شفعهم وتراً.
وفي القرآن الكريم: جاءت مادة (ش ف ع) اسماً وفعلاً إحدى وثلاثين مرة.
كلها في الشفاعة باستثناء آية الفجر، وفيها الشفع مقابلاً للوتر.
أما الوتر فلم يجئ من مادته في القرآن إلا ثلاث آيات، إحداها في الترة بمعنى النقص، بآية محمد ٣٥:
﴿وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ﴾.
ومرة في تتابع الرسل على فترة بينهم:
﴿ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَى كُلَّ مَا جَاءَ أُمَّةً رَسُولُهَا كَذَّبُوهُ﴾ (المؤمنون ٤٤)
وآية الفجر، وفيها الوتر مع الشفع.
قال الرازي: اضطرب المفسرون في تفسر الشفع والوتر وأكثروا فيهما. وقد جمع من تأويلاتهم:
قيل الشفع المخلوقات من حيث هي مركبات ﴿وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ﴾ والوتر هو الله من حيث هو الفرد الواحد. وعبارة "ابن القيم" في التبيان: كل شيء شفع والله وتر.
وقيل الشفع ولد آدم، والوتر آدم لأنه لم يأت عن والد. أو أن الوتر آدم وشفع بزوجه حواء.


الصفحة التالية
Icon