ونستأنس لفهمه ياستقراء "الوادي" في القرآن، وقد كان لعاد أوديتها بالأحقاف: ٣٧.
ولذرية إبراهيم مسكنهم بواد غير زرع: (إبراهيم ٣٧)
وسميت مساكن النما وادياً في قصة سليمان: (النمل ١٨)
ويتخصص الوادي بالتعريف والوصف في "الوادي المقدس" حيث تجلى الله سبحانه وتعالى لموسى عليه السلام: (طه ١٢، القصص ٣٠، النازعات ١٦)
* * *
وكذلك الأمر في ﴿فِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ﴾.
نقتصر فيه على ما يلفت إليه سياق الآية مما كان لفرعون من قوة وجبروت.
مستأنسين في فهمها بآية (ص ١٢) :
﴿كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ ذُو الْأَوْتَادِ﴾
ولم تأت الأوتاد، معرفة، إلا في هاتين الآيتين، وصفاً لفرعون ذي الأوتاد.
وجاءت نكرة في آية النبأ بياناً لرسوخ الجبال وصلابتها:
﴿أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا (٦) وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا﴾.
وفرعون - وإن كان لقباً لملوك مصر القديمة - يأتي في القرآن غالباً، خاصاً بفرعون موسى. ولا يتعلق البيان القرآني بتفصيلات جزئية من اسم فرعون أو زمنه أو تاريخه، وإنما تتجه العناية إلى ما هو مناط عبرة من جوهر القصة: لقد تهيأ لفرعون من ملك مصر وخيرات أرضها الطيبة ما لم يتح مثله لملك غيره، وآتاه الله ملأه من فضله، زينة وأموالاً (يونس ٨٨). فعلاً وتجبر واسرف (القصص ٤، يونس ٨٣) وأخذته العزة بالإثم فطغى (طه ٢٤، ٤٣، والنازعات ١٧) وتطاول فأمر "هامان" أن يبني له صرحاً لعله يبلغ أسباب السماء (غافر ٣٦، والقصص ٣٨).
وحين دعاه موسى إلى عبادة رب العالمين، قال ﴿وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾ ؟ ونادى في قومه:
﴿قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي﴾ ؟ (الزخرف ٥١)


الصفحة التالية
Icon