ولا حاجة إليه، مع ما شاع من استعمال السوط في الأداة المعروفة للضرب والجلد والتعذيب.
والأصل في السوط أن يضرب به، لكن البيان القرآني عدل عن الأصل إلى صب ﴿سَوْطَ عَذَابٍ﴾ فوصل بالتعذيب والعقاب إلى أقصى المدى، بما يعني الصب من تدفق وغمر، مع إسناده إلى "ربك" الخالق الجبار. ثم كانت إضافة سوط إلى عذاب مع التنكير، إطلاقاً له في الترويع، يذهب فيه التصور كل مذهب. وهذا أولى من تأويل "ابن القيم" في تنكير سوط عذاب: "ونكره إما للتعظيم، وإما لأن يسيراً من عذاب استأصلهم ولم يكن معه بقاء ولا ثبات".
* * *
﴿إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ﴾.
الرصد المراقبة، والمرصد والمرصاد الطريق أو المكان يرصد منه. وقد يغلب استعمال الأول قياسياً مفتوح الميم والصاد، في المصدر الميمي واسم المكان، ويكثر استعمال المرصاد في الترصد والمراقبة الشديدة.
وفي القرآن الكريم، جاءت المادة ست مرات كلها في المراقبة الشديدة التي لا تفلت شيئاً مما يرصد بالسمع أو بالبصر، منها آيتا الجن:
﴿وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا﴾ ٩.
﴿فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا﴾ ٢٧.
وىيتا التوبة في رصد العدو وإرصاده:
﴿وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ﴾ ٥.
﴿وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ﴾ ١٠٧.
والمرصاد بآيتى النبأ والفجر، في سياق النذير بالعذاب للطغاة:
﴿إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَادًا (٢١) لِلطَّاغِينَ مَآبًا﴾.


الصفحة التالية
Icon