وإن في ذلك لعبرة لكل ذي حجر.
* * *
﴿كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا (٢١) وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا (٢٢) وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى (٢٣) يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي﴾.
الدك لغة الهدم، وتسوية ما ارتفع من الأرض كالجبال والمباني، بما انخفض كالخور والقيعان والوديان. والذكاء الناقة لا سنام لها. وك البئر طمها ودفنها.
وباستثناء آية الأعراف ١٤٣ التي جاء فيها للجبل حين تجلى الله سبحانه:
﴿فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا﴾.
يأتي الذك يوم القيامة، من أحداث الساعة وأهوال البعث والحشر:
﴿فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ (١٣) وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً﴾ (الحاقة ١٤، ومعها الكهف ٩٨)
وكذلك الدك في آية الفجر، للأرض دكا دكا، يوم القيامة.
وقد نقل الطبير من الأقوال في تفسيرها: دكت، رجت وزلزلت وحركت تحريكاً بعد تحريك.
وقال الزمخشري: دكا بعد دك، كرر عليها الدك حتى عادت هباء منثوراً.
وكأنهم حملوا تكرار الدك، على المرة بعد المرة. والأقرب أن يكون من التأكيد. وأحداث قيام الساعة لا تقتصر في القرآن الكريم على دك الأرض، فلعل إيثاره بالذكر هنا - والله أعلم - أن الأرض هي مكان ما يحشده المتكالبون على الجدنيا من زخرف ومتاع، ومن يشيدونه عليها من المباني ذات العماد والأوتاد.
وبناء الفعل للمجهول، يتسق مع الظاهرة الأسلوبية التي يطرد فيها صرف النظر عن الفاعل، في أحداث الساعة.
* * *


الصفحة التالية
Icon