أجمع عليها قراء الأمصار الأئمة، عدا "الكسائي" فإنه قرأهما بالفتح، على البناء للمجهول، اعتلالا منه بخبر روى عن الرسول - ﷺ - أنه قرأة كذلك. وقال "الطبري" فيه: إنه واهي الإسناد.
وإسناد فعل التعذيب والإيثاق إلى الله تعالى، يبلغ به الترويع منتهاه، في موقف الحساب والجزاء والعقاب، بعد أن قامت القيامة ووقعت الواقعة.
وقد جاء التعذيب في القرآن الكريم إحدى وأربعين مرة، كلها مسندة إلى الله سبحانة باستثناء آيات:
في وعيد سليمان للهدهد:
﴿لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ﴾ (النمل ٢١)
وفي ذي القرنين:
﴿قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا (٨٦) قَالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُكْرًا﴾ (الكهف ٨٦، ٨٧)
وفي قراءة آية الفجر بالفتح، على البناء للمجهول، قيل احتجاجاً لها: "كيف يجوز الكسر ولا معذب يومئذ إلا الله؟ " وهو قول فيه أثر الصنعة البلاغية التي تبنى للمجهول للعلم بالفاعل، ويفوتها استقراء آيات الكتاب المحكم الذي لم يأت فيه فعل العذاب إلا مبنياً للمعلوم: "عذب، عذبنا، نعذب، يعذب" مع الإسناد إلى الله سبحانه، سواء أكان العذاب في الدنيا أم في الآخرة، في المرات التي قاربت أربعين موضعاً.
ويأتي وصف عذاب الآخرة في القرآن الكريم، بأنه أشد العذاب، والعذاب الأكبر، وهو عذاب مهين، أليم، عظيم، مقيم، نكر، عذاب النار وعذاب الحريق.
وقيل إن الضمير في "عذابه" بآية الفجر، عائد على "أبي بن خلف خلف، نزلت فيه الآية".