عَذَابٍ} ومن نذير ووعيد لمن أغواهم حب المال وفتنتهم النعمة وأعمتهم الأثرة فضلوا ضلالاً بعيداً.
* * *
وفي قوله تعالى: ﴿ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً (٢٨) فَادْخُلِي فِي عِبَادِي (٢٩) وَادْخُلِي جَنَّتِي﴾.
نقل الإمام الطبير من تأويلهم لها: قيل: إنه أمر لنفس المؤمن في جسد صاحبها. وتأولوا ﴿رَبِّكِ﴾ بمعنى صاحبك!
وقال آخرون: إن الأمر بالرجوع يكون عند الموت، ثم ﴿ادْخُلِي جَنَّتِي﴾ يوم القيامة.
فباعدوا بين المعطوفين بالواو، وجعلوا أحدهما عند الموت، والآخر عند نهاية المصير في الجنة!
واختلفوا كذلك في تأويل ﴿عِبَادِي﴾.
قيل إنه بمعنى عبادي الصالحين، أو فادخلي في طاعتي، أو في حزبي.
واختار الإمام الطبري أن تكون بمعنى: فادخلي في عبادي الصالحين.
والمقام مستغنٍ عن وصفهم بالصالحين، إذ لا تكون النفس المطمئنة الموعودة بدخول الجنة، إلا من عباد الله الصالحين، ونظيره في القرآن الكريم آيتا الزمر ١٧:
﴿فَبَشِّرْ عِبَادِ﴾ والزخرف ٦٨: ﴿يَا عِبَادِ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ﴾.
ورضى النفس المؤمنة في رضى الله، فهي راضية مرضية.
* * *
وأقول هنا، ما قلت في سورتى التكاثر والبلد، ثم في سورة العصر: هذه سورة مبكرة من العهد المكي الذي اتجهت فيه عناية القرآن الكريم إلى تقرير أصول الدعوة، توجه إلى تحرير البشرية من أوضاع فاسدة، وتقرر مسئولية الإنسان عنها، فتصل في رياضته إلى المدى الذي يصير فيه أداء حق الجماعة ديناً وعقيدة، وتكون طمأنينة النفس هي الزاد الذي يتزود به الإنسان لمصيره.


الصفحة التالية
Icon