وباقي الآيات الأربعين، في سياق النذير من الله سبحانه.
وباستثناء آية الأنبياء: ﴿وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ﴾ معرفة بأل، جاءت "ويل" نكرة، بمثل الأسلوب في آية الهمزة.
والنذير في كل آياتها من الله سبحانه، بويل، للكافرين، والمشركين، والمكذبين، والظالمين، والمطففين، والمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون، والذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله، والقاسية قلوبهم، وكل أفاك أثيم، وكل همزة لمزة.
والوعيد فيها بويل: من مشهد يوم عظيم، ومن النار، وعذاب أليم، ومن يوم الدين، ويومهم الذي يوعدون، والنبذ في الحطمة.
وفي هذا الاستقراء ما يكفي إدراكا لما للفظ ويلٍ من رهبة، وما يثير من خوف ورعب، دون أن نحتاج فيه إلى تأويلٍ بوادٍ في جهنم يسيل قيحاً، أحسبه من الإسرائيليات التي أدخل فيها اليهود عناصر من وصفهم لجهنم.
* * *
ولم تأت "هُمزَة" بهذه الصيغة في القرآن الكريم إلا هنا، وإن جاء من مادتها صيغتان أخريان:
هماز: ﴿وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ (١٠) هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ (١١) مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ﴾ (القلم ١١)
وهمزات: ﴿وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ﴾ (المؤمنون ٩٧)
* * *
كذلك لم تأت صيغة "لُمَزَة" في القرآن كله إلا في آية الهمزة، وجاء الفعل مضارعاً في ثلاث آيات:
﴿وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ﴾ (الحجرات ١١)
﴿وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ﴾ (التوبة ٥٨)