ومن المفسرين من قدر في الآية علمه الله، قيل: هو" إدريس، وقيل آدم لأنه أول من كتب بالقلم".
والنص لا يحتمل مثل هذا التحديد والتقييد، بل هو الإنسان، اسماً لعموم الجنس على إطلاقه، علمه الله ما لم يعلم.
ولا داعي إلى أن نسأل عما علم الإنسان، بل حسبنا أنه تعالى علمه ما لم يعلم، فيتسع الإطلاق لكل ما كسب الإنسان ويكسب من العلم، وهو الذي استأثر بشرف العلم الكسبي واختص به دون غيره من الكائنات.
دون تقييد بما روى عن "ابن عباس" من أنه قرأ الآية: "علم الخط بالقلم" على وجه التفسير كما رجح أبو حيان.
* * *
ويمضي البيان القرآني، في الردع المحذر مما يتعرض له الإنسان من غرور بعلمه ومكانه بين المحلوقات:
﴿كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى (٦) أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى﴾
الطغيان تجاوز الحد، وأكثر ما يستعمل في جبروت العتاة المستبدين. والاستغناء ضد الاحتياج. وقد سبق استقراء آيات الطغيان والغنى في القرآن الكريم، في تفسير آيتى:
﴿ااذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى﴾ من سورة النازعات.
﴿وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى﴾ من سورة الضحى.
وكلا: للزجر والردع.
لكن من المفسرين من تأولها بمعنى "حقاً" لأنه ليس قبلها ولا بعدها شيء يتوجه إليه الردع.