من هذه الحروف المقطعة بفواتح السور، وبعدها نزلت ثمان وعشرون سورة مفتتحة بهذه الحروف، منها ست وعشرون سورة مكية، وثلاث سور من أوائل العهد المدني: البقرة وآل عمران، والرعد.
ومجموع حروفها بغير المكرر منها أربعة حرفاً، هي نصف حروف معجمنا.
وقد اختلف المفسرون في تأويلها، وأنقل بإيجاز من أقوالهم فيها:
* إنخا إشارات إلى صفاته تعالى أو أسمائه، وأصحاب هذا القول لا يكادون يجمعون على دلالات الحروف فيه، ففي الكاف مثلاً، قيل، أو كريم، أو كبير. وفي حرف (ق) قيل: قادر أو قاهر. وفي حرف (ن) قيل: ناصر، أو نور.....
* وقيل هي علامات وضعها كتاب الوحي. ويمنعه أن تدخل هذه العلامات، وهي من قول البشر، في آيات القرآن بعد البسملة.
* وقيل هي من حساب الجمل. وهذا من إسرائيليات "حيى بن أخطب اليهودي" فتقول الراوية إن أخاه أبا ياسر مر في رجال من يهود برسول الله - ﷺ - وهو يتلو فاتحة سورة البقرة "الم" فأخبر حيى بن أخطب بذلك، فمشى إلى المصطفى عليه الصلاة والسلام، فقال: "لقد بعث الله قبلك أنبياء ما نعلمه بين لنبي منهم ما ملكه وما أجل أمته غيرك: الألف واحدة واللام ثلاثون والميم أربعون، فهذه إحدى وسبعون سنة. أفندخل في دين نبي إنما مدة ملكه وأجل أمته إحدى وسبعون سنة؟
ثم سأل: هل مع هذا غيره؟ أجاب عليه الصلاة والسلام: نعم، المص. فعدها اليهودي بحساب الجمل فإذا هي إحدى وستون ومائة سنة، ثم عد "المر" فإذا هي إحدى وسبعون ومائتا سنة "وانصرف بقومه للنبي عليه الصلاة والسلام: لقد لبس علينا أمرك حتى ما ندري أقليلاً ما أعطيت أم كثيراً".
* وقيل هي بمثابة تنبيهات لما يكون بعدها من الحديث، وأكثر ما يكون بعدها ذكر القرآن الكريم. وقد فصل "الفخر الرازي" هذا الوجه، وكذلك "ابن قيم