فيه تنبيه إلى قيمة عمل الصالحات وموضعها من الإيمان، فكأنه من التخصيص بعد التعميم.
وليس لقائل أن يقول في البيان المعجز:

"لانمنع التكرير للتأكيد ولكن الأصل عدمه" إذ أن هذا القرآن هو الأصل والحجة!
* * *
وبالإيمان وعمل الصالحات تتعين مسئولية الإنسان فرداً، مع مسئوليته عن الجماعة:
﴿وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾.
الحق هنا نقيض الباطل.
والعربية قد استعملته حسياً في الطعنة لا زيغ فيها. والمحقق من الثياب المحكم النسيج، والحق من الإبل الذي اشتد وأستحق أن يركب.
وبملحظ من صدق النفاذ، أطلق على العدل والحزم والصدق والأمر المقضى والموت.
والحق، واحد الحقوق. وتحقق الخبر صح وصدق. ومن ثم شاع استعماله في نقيض الباطل. ونقل بهذا الملحظ إلى المحال الديني اسماً من أسماء الله الحسنى، وكثر استعماله بمعنى الوحي ورسالات الدين.
وفي القرآن الكريم وردت المادة بصيغة الفعل الثلاثي تسع عشرة مرة، فيما حف من قول الله وعذابه ووعيده على الكافرين، ومرتين على البناء للمجهول في آيتى الانشقاق:
﴿وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ﴾.
وجاء المضارع من الرباعي أربع مرات، كلها مسندة إلى الله تعالى:
﴿لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ﴾
(الأنفال ٨، ومعها: الأنفال ٧، ويونس ٢٤، والشورى ٢٤)
وجاء فعل الاستحقاق مرتين في آية الدين (المائدة ١٠٧) ولا يخلوسياقها من ملحظ الحرمة الدينية في أداء الشهادة.


الصفحة التالية
Icon